ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الحادي عشر | 279
(270-373)

شخص معنوي كأنه يمثل الشيطان الأنسي يدعو الى السفاهة، ويروّج للضلالة قائلاً لي:
- نحن نريد ان نستمتع بجميع لذائذ الحياة ونمتع الآخرين بها دعنا وشأننا، واليك عنا.
فأجبته قائلا:
- مادمتَ ترمي بنفسك في أحضان الضلالة والسفاهة حصولا على لذة جزئية وذوق ضئيل متناسياً الموت غير آبه به، اذاً فاعلم:
ان (الماضي) كله - حسب ضلالتك - قد مات واندثر وانتهى الى العدم، فهو مقبرة عظيمة موحشة مرعبة، قد رمّت فيها الجثث وبليت فيها الآثار، لذا ان كانت لك مسكة من عقل أوكنت تملك قلبا ينبض بالحياة فان الآلام المتولدة - بمقتضى ضلالتك - من الموت الابدي، ومن انواع الفراق غير المحدود لأقاربك وأحبابك غير المعدودين تزيل تلك اللذة الجزئية المسكرة التي تتذوقها في فترة قصيرة جدا.
وكما ان الماضي معدوم بالنسبة لك، (فالمستقبل) معدوم لك كذلك. وذلك بسبب انعدام ايمانك، بل هو ساحة موحشة رهيبة مظلمة ميتة.. فما من أحد من الموجودات المسكينة يأتي ويبرز الى الوجود - ماراً بالحاضر - إلاّ ويقبضه جلاد الموت ويقذفه الى العدم، وانت لكونك مرتبطا بتلك العوالم - بحكم عقلك - فان المستقبل يصب على رأسك الملحد مطر السوء من الالام الموجعة والقلق الشديد والاضطرابات العنيفة، حتى يجعل جميع لذائذك الجزئية السفيهة أثراً بعد عين.
ولكن ما ان تنبذ طريق الضلالة وتترك سلوك السفاهة داخلا حظيرة الايمان التحقيقي، مستقيما عليه حتى ترى بنور الايمان:
ان ذلك الماضي السحيق ليس بمعدوم وليس بمقبرة تُبلي كلَّ شئ وتفنيه، بل هو عالم نوراني موجود فعلا، الذي ينقلب الى المستقبل، وهو ساحة انتظار الارواح الباقية المترقبة للبعث، دخولاً الى فردوس السعادة الابدية المعدة لهم؛ لذا يذيقك - وانت مازلت في الدنيا - لذة

لايوجد صوت