ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الحادي عشر | 278
(270-373)

المسألة الثالثة
وهي حادثة ذات عبرة، سبق ذكرها في (مرشد الشباب) مفصلاً وخلاصتها هي:
كنت في احد ايام عيد الجمهورية جالسا امام شباك سجن (اسكي شهر) الذي يطل على مدرسة اعدادية للبنات.. وكانت طالباتها اليافعات يلعبن ويرقصن في ساحة المدرسة وفنائها ببهجة وسرور، فتراءت لي فجأة على شاشة معنوية ما يؤول اليه حالهن بعد خمسين سنة: فرأيت: أن نحواً من خمسين من مجموع ما يقارب الستين طالبة يتحولن الى تراب ويعذبن في القبر. وان عشرة منهن قد تحولن الى عجائز دميمات بلغن السبعين والثمانين من العمر، شاهت وجوههن وتشوه حسنهن، يقاسين الآلام من نظرات التقزز والاستهجان من الذين كنّ يتوقعن منهم الاعجاب والحب، حيث لم يصنّ عفتهن ايام شبابهن !.. نعم رأيت هذا بيقين قاطع، فبكيت على حالهن المؤلمة بكاء ساخناً أثار انتباه البعض من زملاء السجن، فاسرعوا الىّ مستفسرين.
فقلت لهم: (دعوني الآن وحالي... انصرفوا عني).
أجل، ان ما رأيته حقيقة وليس بخيال، اذ كما سيؤول هذا الصيف والخريف الى الشتاء، فان ما خلف صيف الشباب ووراء خريف الشيب، شتاء القبر والبرزخ. فلو أمكن اظهار حوادث ما بعد خمسين سنة من المستقبل مثلما يمكن ذلك لحوادث الخمسين سنة الفائتة - بجهاز كجهاز السينما - وعرضت حوادث اهل الضلالة واحوالهم في المستقبل، اذن لتقززوا ولتألموا ولبكوا بكاء مراً على ما يفرحون منه الآن ويتلذذون به من المحرّمات في الوقت الحاضر.
وبينما كنت غارقاً في التأمل، ومنصرفاً الى مشاهد الشاشة المعنوية المعروضة امامي في سجن (اسكي شهر) اذ انتصب امامي

لايوجد صوت