لايمكن الاّ يحاسب ويتوارى عن الانظار ضابط قاد اكثر مخلوقات هذا العالم وتدخّل في شؤونها، ولايمكن ألاّ ينبه من رقدته!
لانه لايعقل قط ان يُسمع دعاءٌ اخفت من طنين الذباب ويُغاث فعلا بلوازم الحياة، ثم لايُسمع أدعية لها من القوة ما يهز العرش والفرش والتي تنطلق من تلك الحقائق العشرين وتسأل البقاء والخلود. ولايعقل قط بل هو خارج عن الامكان أن تُهدر وتُضيّع كلياً تلك الحقوق الكثيرة، بل لايمكن لحكمة لاعبث فيها قط - ولو بمقدار جناح ذبابة بشهادة انتظامها واتقانها - أن تعبث كلياً باستعدادات الانسان المرتبطة بها تلك الحقائق، وتعبث بجميع آماله ورغباته الممتدة الى الخلود، وتعبث بجميع تلك الروابط وحقائق الكائنات العديدة التي تنمي تلك الاستعدادات والرغبات، لأن هذا الاحتمال ظلم فظيع وقبح مشين ترده جميع الموجودات وترفضه قائلة: ان ذلك محال في محال بمائة وجه وممتنع مستحيل بآلاف الوجوه. بل تردّه جميع الموجودات الشاهدة على الاسماء الحسنى: (الحق) و (الحفيظ) و (الحكيم) و (الجميل) و (الرحيم).
وهكذا تجيبنا هذه الاسماء الحسنى (الحق) و(الحفيظ) و(الحكيم) و(الجميل) و(الرحيم)، عن سؤالنا حول الآخرة، فتخاطبنا تلك الاسماء قائلة: (ان الحشر حق لاريب فيه، وهو حقيقة راسخة لا مراء فيها، مثلما اننا حق ومثلما تشهد لنا حقيقة ثبوت الموجودات).
ولولا ان المسألة أوضح من الشمس لزدت بياناً، ولكني اختصرت مكتفياً بالامثلة المذكورة، وقياساً على ما في الفقرات السابقة؛ فان كل اسم من الاسماء الحسنى المائة بل الالف المتوجه الى الكون، يثبت مسمّاه سبحانه بداهة بتجلياته وبمراياه التي هي الموجودات، كما يظهر الحشر والدار الآخرة ويثبته اثباتاً قاطعاً.
ومثلما يجيبنا ربنا سبحانه وتعالى جواباً قدسياً وجازماً بجميع اوامره في جميع ما أنزل من كتب، وبجميع اسمائه التي سمّى بها