ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الحادي عشر | 313
(270-373)

اما ما يعود الى السعادة الاخروية فليس بعد ايضاح القرآن الكريم ايضاح آخر، فليرجع اليه، اما مايعود الى (السعادة الدنيوية) فتوضحه (رسائل النور) وسنبين هنا - بياناً موجزاً - بضع نتائج فقط من بين المئات من النتائج التي يحققها (الايمان بالآخرة) لإسعاد الانسان في حياته الشخصية والاجتماعية.
الثمرة الاولى:
كما أن الانسان - خلافاً للحيوان - ذو علاقة مع بيته، فهو ايضاً ذو ارتباط وثيق مع الدنيا. ومثلما انه مرتبط باقاربه بروابط ووشائج، فهو كذلك ذو نسب فطري بالجنس البشري. وكما انه يحب البقاء في الدنيا الفانية فهو يتوق الى بقائه في الدار الباقية. وكما أنه يسعى دائما لتأمين حاجات معدته الى الغذاء فهو مضطر بفطرته - بل يسعى - لتأمين الاغذية لعقله وقلبه وروحه وانسانيته وتناولها من الموائد الممتدة على سعة الدنيا، بل الممتدة الى الابد، لما له من آمال ومطاليب لايشبعها سوى السعادة الابدية. فلقد حدّثتُ خيالي في عهد صباي كما اشير اليه في رسالة (الحشر):
(اي الأمرين تفضّل ؟ قضاء عمر سعيد يدوم ألف ألف سنة مع سلطنة الدنيا وأبهتها على أن ينتهي ذلك الى العدم، أم وجوداً باقياً مع حياة اعتيادية شاقة ؟)
فرأيته يرغب في الثانية ويضجر من الاولى، قائلاً:
(انني لا أريد العدم بل البقاء ولو كان في جهنم !).
فمادام جميع لذائذ الدنيا لاتشبع الخيال، الذي هو احد خدام الماهية الانسانية، فلابد ان حقيقة الماهية الانسانية الجامعة الشاملة جدا مرتبطة فطرة بالخلود والبقاء.
فكم يكون (الايمان بالآخرة) اذاً كنزاً عظيما كافياً ووافياً لهذا الانسان الوثيق الصلة بهذه الرغبات والآمال التي لاتنتهي، وهو

لايوجد صوت