ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الحادي عشر | 346
(270-373)

ويظهر اعجازه ايضا عند تناوله (حوادث جزئية) وقعت في حياة الصحابة الكرام اثناء نزوله وارسائه بناء الاسلام وقواعد الشريعة فتراه يأخذ تلك الحوادث بنظر الاهتمام البالغ، مبينا بها: أن ادق الامور لاصغر الحوادث جزئية انما هي تحت نظر رحمته سبحانه، وضمن دائرة تدبيره وإرادته، فضلا عن انه يظهر بها سننا إلهية جارية في الكون ودساتير كلية شاملة. زد على ذلك ان تلك الحوادث التي هي بمثابة النويات عند تأسيس الاسلام والشريعة ستثمر فيما يأتي من الازمان ثماراً يانعة من الاحكام والفوائد.
ان تكرر الحاجة يستلزم التكرار، هذه قاعدة ثابتة، لذا فقد اجاب القرآن الكريم عن أسئلة مكررة كثيرة خلال عشرين سنة، فارشد باجاباته المكررة طبقات كثيرة متباينة من المخاطبين. فهو يكرر جملا تملك ألوف النتائج، ويكرر ارشادات هي نتيجة لأدلة لاحد لها، وذلك عند ترسيخه في الاذهان وتقريره في القلوب ما سيحدث من انقلاب عظيم وتبدل رهيب في العالم وما سيصيبه من دمار وتفتت الاجزاء، وما سيعقبه من بناء الآخرة الخالدة الرائعة بدلا من هذا العالم الفاني.
ثم انه يكرر تلك الجمل والايات ايضا عند اثباته ان جميع الجزئيات والكليات ابتداء من الذرات الى النجوم انما هي في قبضة واحد أحد سبحانه وضمن تصرفه جل شأنه.
ويكررها ايضا عند بيانه الغضب الإلهي والسخط الرباني تجاه المظالم التي يرتكبها الانسان عند خرقه الغاية من الخلق، تلك المظالم التي تثير هيجان الكائنات والارض والسماء والعناصر وتؤجج غضبها على مقترفيها.
لذا فان تكرار تلك الجمل والايات عند بيان امثال هذه الامور العظيمة الهائلة لايعد نقصاً في البلاغة قط، بل هو اعجاز في غاية الروعة والابداع، وبلاغة في غاية العلو والرفعة، وجزالة - بل فصاحة - مطابقة تطابقاً تاماً لمقتضى الحال، فعلى سبيل المثال:

لايوجد صوت