ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الحادي عشر | 348
(270-373)

من امثال هذه الحقائق، ولهما من الأهمية ما لألوف المسائل وقوتها، لو تكررتا الوف المرات في خطاب عام موجه الى الجن والانس لكانت الضرورة قائمة بعد، والحاجة اليها مازالت موجودة باقية. فالتكرار هنا بلاغة موجزة جليلة ومعجزة جميلة.
(ومثال آخر نسوقه حول حكمة التكرار في الحديث النبويy) فالمناجاة النبوية المسماة بالجوشن الكبير مناجاة رائعة مطابقة لحقيقة القرآن الكريم ونموذج مستخلص منه. نرى فيها جملة (سبحانك يالاإله إلاّ انت الامان الامان خلصنا من النار.. اجرنا من النار.. نجّنا من النار) هذه الجمل تتكرر مائة مرة، فلو تكررت الوف المرات لما ولدت السأم، إذ انها تنطوي على أجلّ حقيقة في الكون وهي التوحيد، وأجل وظيفة من وظائف المخلوقات تجاه ربهم الجليل وهي التسبيح والتحميد والتقديس، واعظم قضية مصيرية للبشرية وهي النجاة من النار والخلاص من الشقاء الخالد، وألزم غاية للعبودية وللعجز البشري ألا وهو الدعاء.
وهكذا نرى امثال هذه الاسس فيما تشتمل عليه انواع التكرار في القرآن الكريم. حتى نرى أنه يعبر اكثر من عشرين مرة عن حقيقة التوحيد - صراحة او ضمنا - في صحيفة واحدة من المصحف وذلك حسب اقتضاء المقام، ولزوم الحاجة الى الافهام، وبلاغة البيان، فيهيج بالتكرار الشوق الى تكرار التلاوة، ويمد به البلاغة قوة وسموا من دون أن يورث سأماً او مللاً.
ولقد اوضحت اجزاء رسائل النور حكمة التكرار في القرآن الكريم وبينت حججها واثبتت مدى ملاءمة التكرار وانسجامه مع البلاغة، ومدى حسنه وجماله الرائع.
 اما حكمة اختلاف السور المكية عن المدنية من حيث البلاغة، ومن جهة الاعجاز ومن حيث التفصيل والاجمال فهي على النحو الآتي:

لايوجد صوت