ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الحادي عشر | 347
(270-373)

 ان جملة ﴿بسمِ الله الرّحمنِ الرّحيم﴾ هي آية واحدة تتكرر مائة واربع عشرة مرة في القرآن الكريم، ذلك لانها حقيقة كبرى تملأ الكون نورا وضياء وتشد الفرش بالعرش برباط وثيق ـ كما بيناها في اللمعة الرابعة عشرة ـ فما من أحد الاّ وهو بحاجة ماسة الى هذه الحقيقة في كل حين، فلو تكررت هذه الحقيقة العظمى ملايين المرات، فالحاجة مازالت قائمة باقية لا ترتوي. اذ ليست هي حاجة يومية كالخبز، بل هي ايضاً كالهواء والضياء الذي يُضطر اليه ويُشتاق كل دقيقة.
 وان الآية الكريمة ﴿وإنَّ رَبَّكَ لَهوَ العزيزُ الرّحيم﴾ تتكرر ثماني مرات في سورة (الشعراء). فتكرار هذه الآية العظيمة التي تنطوي على الوف الحقائق في سورة تذكُر نجاة الانبياء عليهم السلام وعذاب اقوامهم، انما هو لبيان:
ان مظالم اقوامهم تمس الغاية من الخلق، وتتعرض الى عظمة الربوبية المطلقة، فتقتضي العزة الربانية عذاب تلك الاقوام الظالمة مثلما تقتضي الرحمة الإلهية نجاة الانبياء عليهم السلام. فلو تكررت هذه الآية الوف المرات لما انقضت الحاجة والشوق اليها، فالتكرار هنا بلاغة راقيةذات اعجاز وايجاز.
 وكذلك الآية الكريمة ﴿فبِأيّ آلاءِ رَبّكما تُكذّبان﴾ المكررة في سورة (الرحمن) والآية الكريمة ﴿ويلٌ يَومئذٍ للمُكذبينَ﴾ المكررة في سورة (المرسلات) تصرخ كل منهما في وجه العصور قاطبة وتعلن اعلانا صريحاً في اقطار السموات والارض أن كفر الجن والانس وجحودهم بالنعم الإلهية، ومظالمهم الشنيعة، يثير غضب الكائنات ويجعل الارض والسموات في حنق وغيظ عليهم.. ويخل بحكمة خلق العالم والقصد منه.. ويتجاوز حقوق المخلوقات كافة ويتعدى عليها.. ويستخف بعظمة الالوهية وينكرها، لذا فهاتان الآيتان ترتبطان بألوف

لايوجد صوت