ابوابا للايمان ولمعرفة الله ومراتب التوحيد يحقق بها اقرار مقاصد عديدة، حيث أن القرآن يقرأ ما هو مسطور في كتاب الكون الكبير ويبينه بوضوح، فيرسخ في اعماق المؤمن احاطة ربوبيته سبحانه بكل شئ، ويريه تجلياتها المهيبة في الافاق والانفس، لذا فإن ما يبدو ظاهراً من مناسبة ضعيفة، يبنى عليها مقاصد كلية، فتتلاحق مناسبات وثيقة وعلاقات قوية بتلك المناسبة الضعيفة ظاهراً، فيكون الاسلوب مطابقا تماما لمقتضى ذلك المقام، فتتعالى مرتبته البلاغية.
سؤال آخر:
ما حكمة سَوق القرآن الوف الدلائل لاثبات امور الآخرة وتلقين التوحيد واثابة البشر ؟ وما السر في لفته الانظار الى تلك الامور صراحة وضمنا واشارة في كل سورة بل في كل صحيفة من المصحف وفي كل مقام ؟
الجواب: لان القرآن الكريم ينبه الانسان الى اعظم انقلاب يحدث ضمن المخلوقات ودائرة الممكنات في تاريخ العالم.. وهو الآخرة. ويرشده الى اعظم مسألة تخصه وهو الحامل للامانة الكبرى وخلافة الارض.. تلك هي مسألة التوحيد الذي يدور عليه سعادته وشقاوته الابديتان. وفي الوقت نفسه يزيل القرآن سيل الشبهات الواردة دون انقطاع، ويحطم اشد انواع الجحود والانكار المقيت.
لذا لو قام القرآن بتوجيه الانظار الى الايمان بتلك الانقلابات المدهشة وحمل الآخرين على تصديق تلك المسألة العظيمة الضرورية للبشر.. نعم لو قام به آلاف المرات وكرر تلك المسائل ملايين المرات لايعدّ ذلك منه اسرافاً في البلاغة قط، كما أنه لايولد سأما ولا مللا ألبتة، بل لاتنقطع الحاجة الى تكرار تلاوتها في القرآن الكريم، حيث ليس هناك اهم ولا اعظم مسألة في الوجود من التوحيد والآخرة.