ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الحادي عشر | 354
(270-373)

(الكفر) وعقوبتها باسلوب في غاية الزجر والشدة ألوف المرات، بل ملايين المرات، بل مليارات المرات لما عدّ ذلك اسرافا مطلقا ولانقصا في البلاغة، نظراً لضخامة تلك الجناية العامة وتجاوز الحقوق غير المحدودة، وبناء على حكمة اظهار اهمية حقوق رعيته سبحانه وابراز القبح غير المتناهي في كفر المنكرين وظلمهم الشنيع. اذ لايكرر ذلك لضآلة الانسان وحقارته بل لهول تجاوز الكافر وعظم ظلمه.
ونحن نرى ان مئات الملايين من الناس منذ الف ومئات من السنين يتلون القرآن الكريم بلهفة وشوق وبحاجة ماسة اليه دون ملل ولا سأم.
نعم، ان كل وقت وكل يوم انما هو عالمٌ يمضي وباب ينفتح لعالم جديد لذا فان تكرار ( لا إله إلاّ الله) بشوق الحاجة اليها ألوف المرات لاجل اضاءة تلك العوالم السيارة كلها وانارتها بنور الايمان، يجعل تلك الجملة التوحيدية كأنها سراج منير في استار تلك العوالم والايام. فكما أن الامر هكذا في ( لاإله إلاّ الله) كذلك بتلاوة تكرارات القرآن الكريم يعرف المرء عظم جزاء الجنايات الحاصلة بالظلام المخيم على تلك الكثرة الكاثرة من المشاهد السارية، وعلى تلك العوالم السيارة المتجددة، وقبح صورها المنعكسة في مرآة الحياة، وتجعل تلك الاوضاع المقبلة شهوداً له يوم القيامة لاشهوداً عليه، وترقّيه الى مرتبة معرفة عِظم جزاء الجنايات، وتجعله يدرك قيمة النذر المخيفة لسلطان الازل والابد التي تشتت عناد الظالمين الطغاة، وتشوّقه الى الخلاص من طغيان النفس الامارة بالسوء.. فلأجل هذه الحكم كلها يكرر القرآن الكريم مايكرر في غاية الحكمة، مظهراً ان النذر القرآنية الكثيرة الى هذا القدر، وبهذه القوة والشدة والتكرار حقيقة عظمى، ينهزم الشيطان من توهمها باطلا، ويهرب من تخيلها عبثا. نعم ان عذاب جهنم لهو عين العدالة لأولئك الكفار الذين لايعيرون للنذر سمعاً.

لايوجد صوت