ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الحادي عشر | 353
(270-373)

فمثلاً: ان حقيقة الآية الكريمة: ﴿انّ الذينَ آمنوا وعَملوا الصّالحات لَهُم جَناتٌ تجري من تحتها الانهارُ ذلك الفوز الكبير﴾ (البروج: 11) هي بشرى السعادة الخالدة تزفها هذه الآية الكريمة الى الانسان المسكين الذي يلاقي حقيقة الموت كل حين، فتنقذه هذه البشرى من تصور الموت اعداما ابديا، وتنجيه - وعالمه وجميع احبته - من قبضة الفناء، بل تمنحه سلطنة ابدية، وتكسبه سعادة دائمة.. فلو تكررت هذه الآية الكريمة ملياراً من المرات لايعد من الاسراف قط، ولايمس بلاغته شئ.
وهكذا ترى أن القرآن الكريم الذي يعالج امثال هذه المسائل القيمة ويسعى لاقناع المخاطبين بها باقامة الحجج الدامغة يعمق في الاذهان والقلوب تلك التحولات العظيمة والتبدلات الضخمة في الكون، ويجعلها امامهم سهلة واضحة كتبدل المنزل وتغير شكله. فلابد أن لفت الانظار الى امثال هذه المسائل - صراحة وضمنا واشارة - بالوف المرات تجديد لإحسانه وضروري جداً كضرورة الانسان الى نعمة الخبز والهواء والضياء التي تتكرر حاجته اليها دائما.
ومثلاً: ان حكمة تكرار القرآن الكريم في: ﴿والذين كَفروا لهُم نار جهنم﴾ (فاطر: 36). ﴿ان الظالمين لَهُم عَذاب أليم﴾(ابراهيم: 22) وامثالها من آيات الانذار والتهديد. وسوقها باسلوب في غاية الشدة والعنف، هي (كما اثبتناها في رسائل النور اثباتا قاطعا):
ان كفر الانسان انما هو تجاوز - ايّ تجاوز - على حقوق الكائنات واغلب المخلوقات، ممايثير غضب السماوات والارض، ويملأ صدور العناصر حنقا وغيظا على الكافرين، حتى تقوم تلك العناصر بصفع اولئك الظالمين بالطوفان وغيره. بل حتى الجحيم تغضب عليهم غضبا تكاد تتفجر من شدته كما هو صريح الآية الكريمة: ﴿اذا اُلقوا فيها سمِعوا لها شهيقاً وهي تفور تكاد تميَّزُ من الغيظِ﴾ (الملك: 7- 8). فلو يكرر سلطان الكون في اوامره تلك الجناية العظمى

لايوجد صوت