جواب حقيقي لسؤال مهم
سألني بعض الموظفين المرموقين:
((لماذا لم تقبل ما عرضه عليك مصطفى كمال حول جعلك واعظاً عاماً ومسؤولاً عن عموم (كوردستان) والولايات الشرقية بدلاً عن الشيخ السنوسي(1) براتب قدره ثلاثمائة ليرة(2)؟ ذلك لانك لو كنت قبلت هذا العرض منه لكنت سبباً في انقاذ ارواح مئات الآلاف من الرجال الذين ذهبوا ضحية الثورة))(3).
فقلت لهم جواباً على سؤالهم هذا:
بدلاً من قيامي بانقاذ عشرين او ثلاثين سنة من الحياة الدنيوية لهؤلاء الرجال، فان رسائل النور كانت وسيلة وسبباً لإنقاذ ملايين السنين للحياة الاخروية لمئات الالاف من المواطنين، اي انها قامت بعمل يكافئ اضعاف تلك الخسارة بآلاف المرات، فلو انني قبلت ذلك العرض لما ظهرت رسائل النور التي تحمل في طياتها سر الاخلاص والتي لاتكون تابعاً لاي أحد ولا وسيلة استغلال لاي شئ كان. حتى انني قلت لاصدقائي المحترمين في السجن: (لو ان الحكام الموجودين في انقرة الذين آلمتهم صفعات رسائل النور الشديدة فحكموا عليّ بالشنق، ثم استطاعت رسائل النور ان تنقذ ايمانهم وان تنقذهم من الاعدام الأبدي، فاشهدوا بانني اصفح عنهم من كل قلبي).
وقد قلت لمدير الشرطة وللمفتشين الذين ازعجوني غاية الازعاج بترصداتهم ومراقباتهم لي بعد صدور قرار التبرئة من محكمة
(1) الشيخ السنوسى: عمل واعظاً دينياً فى الولايات الشرقية وكان له دور بارز فى اصدار فتوى الجهاد ضد الانكليز اثناء الاحتلال - المترجم.
(2) هذا الراتب كان راتباً ضخماً جداً آنذاك ولا يأخذه الا الوزراء. المترجم
(3) حدثت في الولايات الشرقية (كوردستان) عدة ثورات، كان اهمها الثورة التي قادها احد رؤساء العشائر الكوردية (الشيخ سعيد بيران) ضد سياسة مصطفى كمال المعادية للاسلام. واستطاع مصطفى كمال القضاء عليها واعدام قائد الثورة وسبعاً واربعين ممن معه فى 15 /4/1925 - المترجم