بالضوضاء والصخب باسداء النصح لهم، اذ كانوا يحترمونني بما يفوق قدري بكثير. ولكن على حين غرة أثار الغضب الناشئ من توتر الاعصاب والانقباض المستولي على النفوس مناقشات حادة. فقلت لبضعٍ منهم: اذهبوا الى حيث الضجيج والصياح، وساندوا المبطل دون المحق.
وقد قاموا بدورهم. فانقطع دابر المناقشات الضارة.
ثم سألوني: لِمَ قمت بهذا العمل الباطل؟.
قلت لهم: ان المحق يكون منصفاً يضحي بحقه الجزئي في سبيل راحة الآخرين ومصلحتهم التي هي كثيرة وكبيرة. اما المبطل فهو على الأغلب مغرور وأناني لا يضحي بشئ، فيزداد الصخب.
* * *
اخوتي!
اقرأوا مكرراً وبامعان ما كتب في الرسائل الصغيرة من مدار السلوان والصبر والتحمل. فأنا اضعفكم واكثركم نصيباً من هذه المصيبة الضجرة. الاّ انني بفضل الله اتحمل ذلك الضيق. فلله الحمد والشكر لم امتعض ابداً ممن يحمّلون الاخطاء والتبعات كلها عليّ. ولم اضجر ايضاً ممن دافعوا عن انفسهم وألقوا التبعات ضمناً على الجماعة وحمّلوها علينا باعتبار وحدة المسألة.
فما دمنا نحن اخوة في الله فارجو الاقتداء بي في هذا الصبر.
* * *
اخوتي الاعزاء الاوفياء ويا اصحابي في مضيف هذه الدنيا !
لقد فكرت هذه الليلة - بمشاعر سعيد القديم العزيزة - في سوقنا معاً الى المحكمة وانا مكبل اليدين وسط جنود مدججين بالسلاح الابيض، فانتابنى غضب شديد. وفجأة أُخطر الى القلب: