ان قسماً من الاحاديث النبوية متشابهات، ليس خاصاً ولا جزئياً، ولايتوجه الى مواضع عامة. وقسم آخر من الاحاديث يبيّن من الفتن الدينية التى تصيب الامة الاسلامية زماناً واحداً فقط ومواضع محددة كالحجاز والعراق مثالاً لها.
وفي الحقيقة ظهرت في زمن العباسيين فرق ضالة كثيرة اضرت بالاسلام كالمعتزلة والروافض والجبرية والزنادقة والملاحدة المتسترين. وقد اخمد ائمة الاسلام العظام كالامام مالك والامام احمد بن حنبل والامام الغزالي والشيخ الكيلاني والجنيد البغدادي(1) نار تلك الفتن التي دبّت في مجال الشريعة والعقيدة.
وعلى الرغم من مرور ثلاثمائة سنة على هذا الظهور الايماني فان تلك الفرق الضالة المتسترة قد اوقعت المسلمين في فتنة هولاكو وجنكيز خان عن طريق السياسة. وقد اشار الحديث الشريف والامام علي رضي الله عنه الى هذه الفتنة اشارة صريحة وبتاريخها. ولما كانت فتنة زماننا هذا اعظم الفتن فقد اخبرت احاديث شريفة متعددة واشارات قرآنية كثيرة عنها بتواريخها.
وقياساً على هذا، عندما يبيّن حديثٌ شريف الاحداث التي تمر على الامة بصورة كلية، يبين حادثة واحدة - احياناً - بتاريخها كمثال من ذلك الكلي. فمثل هذه الاحاديث المتشابهة قد لاتدرك معانيها على الوجه الصحيح، وقد اثبتت اجزاء رسائل النور اثباتاً واضحاً تأويل تلك الاحاديث. واظهرت هذه الحقيقة مع قواعدها واصولها في كل من (الكلمة الرابعة والعشرين) و(الشعاع الخامس).
* * *
(1) هو جنيد بن محمد (ابو القاسم الزجاج القواريرى)(ت 297هـ/1910): صوفي وزاهد، سيد الطائفة. ولد وتوفي ببغداد تلقى العلوم الفقهية عن سفيان الثوري والعلوم الصوفية عن خاله السري السقطي.