ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الرابع | 80
(71-109)

نعم، حينما كنت أفكر في هاتين النقطتين، اي في فعالية هذه القدرة غير المحدودة، وفي الأهمية الحقيقية التي أولاها البارئ سبحانه لهذا الانسان الذي يبدو حقيراً. أردت ايضاحاً وانكشافاً للايمان بما يُطمئن القلب. فراجعت بدوري تلك الآية الكريمة ايضاً، فقالت لي:
دقق النظر في (نا) التي في (حسبنا) ، وانظر مَن هم اولاء ينطقون (حسبنا) معك، سواء ينطقونها بلسان الحال، او بلسان المقال، أنصت اليهم.. نعم، هكذا أمرتني الآية! فنظرت.. فاذا بي أرى طيوراً محلّقة لاتحدّ، وطويرات صغيرة صغيرة جداً كالذباب لاتحصى، وحيوانات وحوينات لاتعد ونباتات لاتنتهي واشجاراً وشجيرات لا آخر لها ولانهاية...
كل ذلك يردد مثلي بلسان الحال معنى ﴿حَسبُنا الله ونِعمَ الوَكيل﴾، بل يُذكّر الآخرين بها.. ورأيت أن لهم وكيلاً - نِعمَ الوكيل - تكفل بجميع شرائط حياتهم، حتى انه يخلق من البيوض المتشابهة المتركبة من المواد نفسها،ومن النطف المتماثلة، ومن الحبوب الشبيهة بعضها ببعض، مائة الف طراز من الحيوانات ومائة الف شكل من الطيور ومائة الف نوع من النباتات، ومائة الف صنف من الاشجار... يخلقها بلا خطأ وبلا نقص وبلا التباس، يخلقها مزينة جميلة وموزونة منظمة، مع تميّز بعضها عن البعض الآخر واختلاف بعضها عن بعض، يخلقها باستمرار ولاسيما ايام كل ربيع امام اعيننا في منتهى السرعة، وفي منتهى السهولة، وفي منتهى السعة، وفي منتهى الوفرة.. فخلقُ جميع هذه المتشابهات المتوافقات المتداخلات من المخلوقات على النمط نفسه والاشكال عينها، ضمن عظمة هذه القدرة المطلقة وحشمتها، يظهر لنا بوضوح وحدانيته سبحانه وتعالى وأحديته.
وقد افهمتني الآية أنه لايمكن المشاركة ولا المداخلة قطعاً في فعل

لايوجد صوت