ذاته، فانه باحسانه وانعامه ثمرات باقية - كالمذكورة آنفاً - والتي تستحق كل منها ان يُضحى لاجلها بالوف من الحياة الدنيوية وبقائها لابحياة واحدة وبقاء واحد، فقد احسست أن ذلك الكمال الذاتي قد رسّخ باحسانه هذا ذلك العشق الفطري وعمّقه اكثر، فلو تيسّر لي لقلت بجميع ذرات وجودى: ﴿حَسبُنا الله ونِعمَ الوَكيل﴾ بل قلته بتلك النية.
ولقد اورثني ذلك الشعور الايماني الذي يتحرى عن بقائه فوجد البقاء الإلهي - كما اشرتُ الى عدد من ثمراته بالفقرات المبتدئة بـ كذا.. كذا..- ومنحنى ذوقاً وشوقاً ملكا عليّ كياني كله واخذا بمجامع روحي، فقلت بكل ما املك من قوة، ومن اعماق قلبي ومع نفسي ﴿حَسبُنا الله ونِعمَ الوَكيل﴾.
المرتبة النورية الحسبية الثانية
انه مع عجزي غير المتناهي الكامن في فطرتي، ومع الشيخوخة المستقرة في كياني، ومع تلك الغربة التي لفّتني، ومع عدم وجود المعين لي، وقد جُردت من كل شئ هاجمني ارباب الدنيا بجواسيسهم وبدسائسهم.. في هذا الوقت بالذات خاطبت قلبي قائلاً:
((ان جيوشاً كثيفة عارمة تهاجم شخصاً واحداً ضعيفاً مريضاً مكبّل اليدين.. أوَ ليس له - اي لي - من نقطة استناد؟)).
فراجعت آية ﴿حَسبُنا الله ونِعمَ الوَكيل﴾ فاعلمتني:
انك تستند بهوية الانتساب الايماني الى سلطان عظيم ذي قدرة مطلقة، بحيث يجهّز بانتظام تام في كل موسم ربيع على سطح الارض جميع جيوش النباتات والحيوانات المتشكلة من اربعمائة الف نوع من الامم والطوائف بالاعتدة والاجهزة اللازمة لها. فيجدد ملابس جيشيه العظيمين وهما الاشجار والطيور ويلبسهما ملابس جديدة، مبدلاً انواطهما وشاراتهما، حتى انه يبدل لباس الجبل ونقاب