بحياتي وببقائي لإبقاء كل رسالة من تلك الرسائل - التي تثبت الحقائق الايمانية وتدعمها - ولدوامها ولإفادتها الآخرين ولمقبوليتها عند الله. وعندها فهمت - بذلك الانتساب الايماني - ان تلك الرسائل تنال بالبقاء الإلهي تقديراً واعجاباً يفوقان تقدير الناس واعجابهم بها بمائة ضعف. لذا قلت بكل ما املك من قوة: ﴿حَسبُنا الله ونِعمَ الوَكيل﴾.
وكذا علمت بذلك الشعور الايماني ان الايمان ببقاء الباقي ذي الجلال وبوجوده الذي يمنح بقاءاً ابدياً وحياة دائمة وان ثمرات الايمان التي هي الاعمال الصالحة ثمرات باقية لهذه الحياة الفانية،ووسائل لبقاء دائم. فاقنعتُ نفسي ان اكون كالبذرة التي تترك قشرتها لتتحول الى شجرة باسقة مثمرة، اي اقنعتها ان تترك بقائي الدنيوي الشبيه بالقشرة لتعطي ثمرات باقية. فقلت مع نفسي: ﴿حَسبُنا الله ونِعمَ الوَكيل﴾. نعم حسبنا بقاءه سبحانه.
وكذا علمت بعلم اليقين، بذلك الشعور الايماني والانتساب بالعبودية ؛ ان وراء ستار التراب عالم منور، وان الطبقة الترابية الثقيلة التي يرزح تحتها الموتى، سترفع عنهم. وان النفق الذي يدخل اليه من باب القبر لايؤدي الى ظلمات العدم كذلك. فقلت من الاعماق: ﴿حَسبُنا الله ونِعمَ الوَكيل﴾.
وكذا احسست احساساً تاماً، وعلمت بحق اليقين، بذلك الشعور الايماني انه في الوقت الذي يتوجه عشق البقاء الشديد جداً في فطرتي الى بقاء الباقي ذي الكمال والى وجوده من جهتين، الاّ انه قد ضلَّ عن محبوبه بسبب ما اسدلته الانانية من استار دونه، فتشبث بالمرآة وافتتن بها، فصار حائراً غوياً. اذ إن ما يهيمن على ماهيتي من ظل اسم للكمال المطلق، المحبوب لذاته، والمحبوب فطرة، والمعبود المعشوق، قد أورث عشق البقاء هذا، الذي هو عميق الغور والراسخ القوي. وبينما الكمال الذاتي الذي هو وحده كاف وواف للعبادة والافتتان، حيث لايدفع لمحبته سبب او غرض، ولايقتضيه شئ دون