ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الرابع | 75
(71-109)

محدودة، ناشئة من علاقتي بابناء جنسي، وشفقتي على اقاربي، فقدأحسست بشعور إيماني ان جميع اقاربي نسلاً ونسباً ومعنىً والذين أفديهم بحياتي وبقائي - بفخر واعتزاز فطري - لأجل خلاصهم من المهالك والمخاطر، وفي المقدمة آبائي وامهاتي.. احسست انهم ينجون من الفناء والعدم والاعدام الابدي ومن آلام غير محدودة، وينالون رحمة واسعة مطلقة ببقاء الباقي الحقيقي وبوجوده سبحانه؛ وان رحمة واسعة مطلقة ترعاهم وتحميهم بدلاً من شفقتي الجزئية القاصرة التي لاتأثير لها والتي هي مبعث ألم وغم. فكما تتلذذ الوالدة بلذة ولدها وتذوق الراحة براحته، تلذذتُ انا كذلك وسعدتُ بنجاة جميع اولئك الذين اشفق عليهم، بانضوائهم تحت حماية تلك الرحمة الواسعة، وبتنعمهم في ظلها، وانشرحت فرحاً جذلاً بهذا الشعور، فشكرت الله من الاعماق.
وكذا علمت بذلك الشعور الايماني نجاة (رسائل النور) التي هي ثمرة حياتي ومبعث سعادتي ووظيفة فطرتي، نجاةً من الفناء والضياع والضمور ومن عدم الجدوى والنفع، وعلمت بذلك الانتساب الايماني، بل شعرت ببقاء تلك الرسائل نضرة طرية، واحسست بنمائها معنىً، بل ببقائها ودوامها وإثمارها ثمرات يانعة. فحصلت لي القناعة التامة أن في هذا لذة معنوية تفوق كثيراً لذة بقائي، ولقد احسست بتلك اللذة احساساً حقاً كاملاً، لأنني آمنت أنه ببقاء الباقي ذي الكمال وبوجوده لاتنقش رسائل النور في ذاكرة الناس وقلوبهم وحدها بل تكون ايضاً موضع مطالعة لمخلوقات غير محدودين من ذوي الشعور والروحانيين. فضلاً عن انها ترتسم في اللوح المحفوظ وفي الالواح المحفوظة - ان كانت موضع رضى الله سبحانه وتعالى - وتتزين بثمرات الأجر والثواب، ولا سيما أن وجودها بآنٍ واحد، وحظوتها بنظر رباني من حيث انتسابها الى القرآن الكريم ونيلها بالقبول النبوي والرضى الإلهي - ان شاء الله - اعظم واجلّ من اعجاب وقدر اهل الدنيا كلهم لها.. وعلمت ان سعادتي هي في خدمة تلك الرسائل للقرآن الكريم. وانني على استعداد كل حين بالتضحية

لايوجد صوت