ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الرابع | 84
(71-109)

جداً، وله قيمة عالية كقيمة وجودٍ أبدي دائم، فعلمت كل ذلك بعلم اليقين؛ لأنه ادركت بالشعور الايماني ان وجودي هذا أثرٌ من آثار واجب الوجود وصنعةٌ من صنعته وجلوة من جلواته. فنجوت من ظلمات لا حدّ لها تورثها أوهام موحشة، وتخلصت من آلام لاحدّ لها نابعة من افتراقات وفراقات غير متناهية، ودفعتني لأمدّ روابط اخوة وثيقة الى جميع الموجودات ولاسيما الى ذوي الحياة، روابط بعدد الافعال والاسماء الإلهية المتعلقة بالموجودات. وعلمت أن هناك وصالاً دائماً مع جميع ما أحبه من الموجودات من خلال فراق مؤقت.
ومن المعلوم أن الذين تربطهم رابطة القرية الواحدة او المدينة الواحدة او البلد الواحد او الفرقة العسكرية الواحدة او القائد الواحد او الاستاذ المرشد الواحد وأمثالها من الروابط الواحدة يشعرون بأخوة لطيفة وصداقة قوية تربط فيما بينهم، بينما المحرومون من مثل هذه الروابط الواحدة يقاسون دائماً عذاباً مريراً من ظلمات أليمة.
وكذا لو كانت لثمرات شجرة شعور لشعرتْ كلٌ منها أنها اخت الاخرى وبديلتها وصاحبتها وناظرتها، ولكن لو لم تكن شجرة، او اقتطفت تلك الثمرات منها لشعرت كل ثمرة بآلام فراقٍ بعدد الثمرات.
وهكذا ظفر وجودي ايضاً - كأي مؤمن آخر - بالايمان وبالانتساب الذي فيه بأنوار لافراق فيها تشع من انواع من وجود غير متناه، فلو رحل وجودي فإن بقاء تلك الانواع من الوجود عقبه يجعل وجودي راضياً مطمئناً كأنه قد بقي بنفسه كاملاً.
زد على ذلك ان وجود كل ذي حياة ولاسيما من ذوي الارواح، هو بمثابة كلمة تُقال وتُكتب، ثم تغيب، بعد ان تترك بدلها انواعاً من وجودٍ - تعدّ تالية لوجودها - هي معناها، وهويتها المثالية، وصورتها، ونتائجها، وثوابها - ان كانت كلمة طيبة - وحقيقتها.. وامثالها من انواع الوجود الكثيرة التي تتركها ثم تغيب وتختفي، وقد اثبتنا ذلك تفصيلاً في (المكتوب الرابع والعشرين) .
فوجودي ايضاً مثل تلك الكلمة تماماً، وكذا وجود كل ذي حياة. اذا

لايوجد صوت