ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الرابع | 86
(71-109)

ولقد شعرت من بعيد بشعور الايمان ببديع السموات والارض وبرابطة الانتساب اليه كم يكون الانسان - لو كان ذا شعور - فخوراً ومكرّماً ، بأنه اثرٌ من آثار ذلك الخالق القدير وانه مصنوع مَن زيّن السموات بمصابيح النجوم وجمّل الارض بالأزاهير وببدائع المخلوقات واظهر مئات المعجزات في كل ما أبدعته قدرته. وكم يكون الانسان مناط قيمة عظيمة وكرامة فائقة بالايمان به والانتساب اليه والشعور به لاسيما اذا ما كتب - ذلك الصانع المعجز المطلق - كتاب السموات والارض، ذلك الكتاب الضخم في نسخة مصغرة وهي الانسان، واذا ما جعل هذا الانسان منتخباً وخلاصة كاملة لذلك الكتاب فانه سيملك ذلك الشرف والكمال والقيمة العالية بالايمان وبالشعور والانتساب.
ولما كنت قد تعلمت هذا الدرس من الآية الكريمة ﴿حَسبُنا الله ونِعمَ الوَكيل﴾ فقد تلوتها وانا احمل نية وتصوراً انني اتلوها بلسان الموجودات كلها.
المرتبة النورية الحسبية الخامسة
لقد تصدّعت حياتي حيناً تحت اعباء ثقيلة جداً، حتى لفتت نظري الى العمر، والى الحياة فرأيت أن عمري يجري حثيثاً الى الآخرة.. وان حياتي التي قربت الى الانتهاء قد توجهت نحو الانطفاء تحت المضايقات العديدة، ولكن الوظائف المهمة للحياة ومزاياها الراقية وفوائدها الثمينة المذكورة في الرسالة التي تبحث عن اسم (الحي) لاتليق بهذا الانطفاء السريع، بل تليق بحياة طويلة، مديدة، ففكرت في هذا بكل ألم وأسى، وراجعت استاذي الآية الكريمة ﴿حَسبُنا الله ونِعمَ الوَكيل﴾ فقالت لي: انظر الى الحياة كما يريدها (الحي القيوم) الذي وهب لك الحياة فنظرت اليها بهذا المنظار وشاهدت أنه ان كان للحياة وجه واحد متوجه اليّ انا فان لها مائة وجه متوجه الى (الحي المحيي) وان كانت لها نتيجة واحدة تعود اليّ انا، فان لها الفاً من النتائج تعود

لايوجد صوت