هذه الآثار البديعة،فكما انها محال أن تكون بلا فاعل،كذلك جلوات الاسماء التي تشاهد نقوشها على هذه المصنوعات محال أن تكون بلا مسمّى، وكذا القدرة والارادة وأمثالها من الصفات الجليلة التي تُحس احساساً قاطعاً كانك تراها محال أن تكون بلا موصوف.
لذا فان جميع الاثار والمخلوقات والمصنوعات في هذا الكون كله تدل بوجودها غير المحدود دلالة قاطعة على وجود افعال خالقها وصانعها وفاعلها وعلى وجود اسمائه وعلى وجود اوصافه وعلى وجود شؤونه الذاتية وعلى وجوب وجود ذاته المقدسة جل جلاله.
كذلك فان مايشاهد على جميع المصنوعات من انواع الكمال المتنوعة واضراب الجمال المختلفة والوان الحسن المتغايرة يدل دلالة في غاية القطعية ويشهد شهادة في منتهى الصراحة على كمالات لاحد لها ومحاسن لانهاية لها في افعال الصانع الجليل وفي أسمائه وفي صفاته وفي شؤونه وفي ذاته المقدسة، بما يلائم ويوافق قدسيته ووجوبه وتعاليه ويدل كذلك على جمال متنوع عال سام هو أرفع من الكون طراً.
البرهان الثاني: فيه خمس نقط:
النقطة الاولى:
ان أئمة اهل الحقيقة كلهم - مع الاختلاف في مشاربهم والبعد في مسالكهم - يعتقدون مستندين الى الذوق والكشف ويقررون بالاجماع والاتفاق: ان الحسن والجمال الموجود في الموجودات كلها انما هو ظل جمالٍ مقدس لواجب الوجود وحسنه المنزّه، وانما هو لمعاته وجلواته من وراء حجب واستار.
النقطة الثانية: