ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الرابع | 91
(71-109)

الآية الكريمة ايضاً لأجد المتنفس والسلوان، فقالت: (إقرأني جيداً، أنعم النظر في معانيَّ) وأنا بدوري دخلت الى مركز الارصاد لسورة النور لآية ﴿الله نور السموات والارض....﴾ فنظرت من هناك (بمنظار) الايمان الى أبعد طبقات الآية الحسبية، وفي الوقت نفسه نظرت (بمجهر) الشعور الايماني الى أدق اسرارها... فرأيت انه مثلما تُظهر المرايا والزجاج والمواد الشفافة وحتى زبد البحر وحبابه الجمال المخفي المتنوع لضوء الشمس، ومختلف جمال الألوان السبعة لضوئها، وبتجددها وبتحركها وقابليتها المختلفة وانكساراتها المتنوعة تجدد الجمال المتستر للشمس ولضوئها ولألوانها السبعة، فكذلك الامر في هذه المصنوعات الجميلة وهذه المخلوقات اللطيفة والموجودات الجميلة لاتلبث أن تذهب دون توقف لتقوم مقام مرايا عاكسة للجميل ذي الجلال الذي هو (نور الأزل والابد) مجدّدة بذلك تجليات جماله المقدس وتجليات الجمال السرمدي لأسمائه الحسنى جل وعلا. فالجمال الظاهر في هذه المخلوقات والحسن البارز فيها اذن ليس هو ملك ذاتها، وانما هو اشارات الى ذلك الجمال المقدس السرمدي الذي يريد الظهور، وعلامات ولمعات لذلك الحسن المجرد الدائم التجلي والجمال المنزّه الذي يريد المشاهدة والاشهاد. وقد وضحّت هذا مفصلاً في (رسائل النور) بدلائله القاطعة وببراهينه الدامغة لذا سنشير هنا الى ثلاثة براهين منها فقط اشارة قصيرة.
 البرهان الاول:
ان جمال اثر مصنوع يدل دلالة قاطعة على جمال صُنعه، وان جمال الصنع واتقانه هذا يدل على جمال عنوان صانعه الناشئ من تلك الصنعة، وان جمال عنوان الصانع المتقن يدل على جمال صفة ذلك الصانع التي تعود الى تلك الصنعة، وان جمال صفته هذه يدل على جمال قابليته واستعداده، وان جمال قابليته يدل على جمال ذاته وجمال حقيقته.
فكما ان هذه الدلالات قاطعة وبدهية، كذلك الحسن والجمال

لايوجد صوت