ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الرابع | 94
(71-109)

ان جميع المخلوقات الجميلة تأتي الى هذا العالم قافلة اثر اخرى ثم تغادره وتغيب في افق الفناء، ولكن الجمال السامي المنزّه عن التبدل، والذي يظهر نفسه بتجليه على تلك المرايا يبقى ويدوم، مما يدل دلالة قاطعة على أن ذلك الجمال ليس ملك تلك الجميلات ولاجمال تلك المرايا، بل هو أشعة جمال سرمدي، كما يدل دوام جمال اشعة الشمس على حباب الماء الجاري على جمالها الدائم.
النقطة الثالثة:
ان مجئ النور من النوراني، والوجود من الموجود، والاحسان من الغنى، والسخاء من الثروة، والتعليم من العلم امور بدهية، كذلك من البدهي ان منح الحسن ايضاً هو من الحسن واضفاء الجمال لايكون الاّ من الجميل.
فبناء على هذه الحقيقة نعتقد ونقول:
ان جميع انواع الجمال المشاهدة على الكائنات كلها، تأتي من جميل لامنتهى لجماله بحيث أن هذه الكائنات المتبدلة دوماً والمتجددة باستمرار تصف جمال ذلك الجميل وتعرّفه، بجميع موجوداتها وبألسنة ادائها لوظيفة مرآة عاكسة لذلك ـ.
النقطة الرابعة:
كما أن الجسد يستند الى الروح ويقوم بها وتُبعث فيه الحياة بها، واللفظ يتنور على وفق المعنى، والصورة تستند الى حقيقة وتتزود منها قيمتها. كذلك هذا العالم، عالم الشهادة المادي الجسماني انما هو جسد، ولفظ، وصورة، يستند الى الاسماء الإلهية المحتجبة وراء ستار عالم الغيب، فهو يحيا بتلك الاسماء التي تبعث فيه الحيوية، ويتوجه اليها، فيزداد جمالاً وبهاءً.
فجميع انواع الجمال المادي نابع من جمال معنوي لمعانيها، ومن حسن معنوي لحقائقها. أما حقائقها فتستفيض من الاسماء الإلهية، وهي نوع من ظلال تلك الاسماء.

لايوجد صوت