أنتَ سُبحانَكَ إنّي كُنْتُ مِنَ الظالمين﴾(الانبياء:87). فنلفت بها نظر الرحمة الإلهية الى مستقبلنا بقولنا: ﴿لا إله إلاّ أنتَ﴾. ونلفتها الى دنيانا بكلمة: ﴿سُبحانَكَ﴾ ونرجوها ان تنظر الى انفسنا بنظر الرأفة والشفقة بجملة: ﴿إنّي كُنْتُ مِنَ الظالمين﴾ كي يعم مستقبلنا نور الايمان وضياء بدر القرآن، وينقلب رعب ليلنا ودهشته الى أمن الانس وطمأنينة البهجة. ولتنتهي مهمة حياتنا ونختتم وظيفتها بالوصول الى شاطىء الامن والامان دخولا في رحاب حقيقة الاسلام، تلك الحقيقة التي هي سفينة معنوية اعدّها القرآن العظيـم، فنبـحر بها عباب الحياة، فوق أمواج السنين والقرون الحاملة لجنائز لايـحصرها العد، ويقذفها الى العدم تبدل الموت والحياة وتناوبهما الدائبين في دنيانا وارضنا، فننظر الى هذا المشهد الرهيب بـمنظار نور القرآن الباهر، واذا هو مناظر متبدلة، متـجددة، يحول تجددها المستـمر تلك الوحشة الرهيبة النابعة من هبوب العواصف وحدوث الزلازل للبـحر الى نظر تقطر منه العبرة، ويبعث على التأمل والتفكر في خلق الله، فتستضىء وتتألق ببهجة التـجدد ولطافة التـجديد. فلا تستطيع عندها نفوسنا الامارة على قهرنا، بل نكون نـحن الذين نقهرها بـما منـحنا القرآن الكريم من ذلك السر اللطيف، بل نـمتطيها بتلك التربية المنبثقة من القرآن الكريم. فتصبح النفس الامارة طوع ارادتنا، وتغدو وسيلة نافعة ووساطة خير للفوز بـحياة خالدة.
الخلاصة:
ان الانسان بما يحمل من ماهية جامعة يتألم من الحمى البسيطة كما يتألم من زلزلة الارض وهزاتها ويتألم من زلزال الكون العظيم عند قيام الساعة، ويخاف من جرثومة صغيرة كما يخاف من المذنبات الظاهرة في الاجرام السماوية، ويحب بيته ويأنس به كما يحب الدنيا العظيـمة، ويهوى حديقته الصغيرة ويتعلق بها كما يشتاق الى الجنة الخالدة ويتوق اليها.