اللمعات | اللمعة التاسعة | 67
(51-68)

نعم! ان ماهية الطاووس جميلة ورائعة، ولكن ماهيته ليست فاعلة قطعاً وانما منفعلة، ولا يمكن ان تتحد مع فاعله مطلقاً. وان روحه عالية سامية ولكن ليست موجدة ولا متصرفة، وانما مظهر ومدار ليس الا. لأنه يشاهد في كل ريش منه اتقان قد تم بحكمة مطلقة بالبداهة، ونقش زينة نقشها بالقدرة المطلقة.
وهذا لا يمكن ان يكون دون ارادة واختيار قطعاً.
فهذه المصنوعات البديعة التي تبين كمال الحكمة في كمال القدرة، وكمال الربوبية والرحمة في كمال الاختيار، لا يمكن ان تكون هذه المصنوعات نتيجة جلوة أو ماشابهها.
ان الكاتب الذي كتب سطور هذا السجل المذهب لا يمكن أن يكون في السجل نفسه، ولا يمكن ان يتحد معه. وليس لذلك السجل الاّ تماس بطرف قلم ذلك الكاتب. لذا فان زينة جمال ذلك الطاووس المثالي الذي هو يمثل الكائنات، ليس إلا رسالة من قلم خالق ذلك الطاووس.
فالآن تأمل في طاووس الكائنات واقرأ تلك الرسالة، وقل لكاتبها:
ماشاء الله..
تبارك الله..
سبحان الله..
فالذي يظن الرسالة كاتبها أو يتخيل الكاتب في الرسالة نفسها، أو يتوهم الرسالة خيالا لاشك انه قد ستر عقله بستار العشق ولم يبصر الصورةالحقيقية للحقيقة.
ان أهم جهة من انواع العشق التي تسبب الانسلاك الى مشرب وحدة الوجود هي عشق الدنيا، اذ حينما يتحول عشق الدنيا الذي هو عشق مجازي الى عشق حقيقي ينقلب الى وحدة الوجود.
ان شخصاً اذا أحب انساناً محبة مجازية، ما ان يشاهد فناءه لا يستطيع ان يمكن هذا الزوال في قلبه، تراه يمنح معشوقه عشقاً

لايوجد صوت