اللمعات | اللمعة التاسعة | 64
(51-68)

الجواب: ان عاجزاً مسكيناً مثلي، لا قيمة له ولا أهمية، أنىٰ له ان يقتحم غمار هذه المراتب السامية الرفيعة ويجري فيها محاكمات عقلية بعقله القاصر، انما هو امر فوق الحد بمائة مرة.. ولكني سأذكر فيها ذكرا مختصرا جدا نكتتين فقط وردتا من فيض القرآن الكريم الى القلب، فلعل فيهما فائدة ونفعاً.
النكتة الاولى:
ان هناك اسباباً عدة للانجذاب نحو مشرب وحدة الوجود. سأبين باختصار شديد سببين منها:
السبب الاول: انهم لم يستطيعوا ان يستوعبوا في اذهانهم خلاقية الربوبية في اعظم مراتبها، وكذا لم يستطيعوا ان يمكنوا في قلوبهم تمكينا تاما انه سبحانه بأحديته مالك بالذات لزمام كل شيء في قبضة ربوبيته، وان كل شيء يخلق بقدرته واختياره وارادته سبحانه. فلأنهم لم يستطيعوا ادراك ذلك فقد رأوا انفسهم مضطرين امام القول: كل شيء هو (تعالى)، او: لا شيء موجود، او: ان الموجود خيال، او: من التظاهر أو من الجلوات.
السبب الثاني: ان صفة العشق لاتريد الفراق اصلا. وتفر منه بشدة، وترتعد فرائص العاشق من الافتراق، ويرهب من التنائي رهبته من جهنم، وينفر من الزوال نفرة شديدة، ويحب الوصال حبه لروحه ونفسه، ويرغب بشوق لاحد له – كشوقه للجنة – للقرب الإلهي، لذا يرى ان التشبث بتجلى الأقربية الإلهية في كل شيء، يجعل الفراق والتنائي كأنهما معدومان، فيظن اللقاء والوصال دائمين بقوله: لا موجود إلا هو.ولانهم يتصورون بسكر العشق وبمقتضى شوق البقاء واللقاء والوصال، ان في وحدة الوجود مشرباً حالياً في منتهى الذوق، لذا يجدون ملجأهم في مسألة وحدة الوجود لأجل التخلص من فراقات رهيبة.
أي ان منشأ السبب الاول:

لايوجد صوت