هو عدم بلوغ العقل قسماً من حقائق الايمان الواسعة للغاية والسامية جداً، وعدم استطاعته الاحاطة بها، مع عدم انكشاف العقل انكشافا تاماً من حيث الايمان.
أما منشأ السبب الثاني:
فهو انكشاف القلب انكشافاً فوق المعتاد، بتأثير العشق وانبساطه انبساطاً خارقاً للعادة.
أما مرتبة التوحيد العظمى التي يراها بصراحة القرآن الاولياء العظام اعنى الاصفياء الذين هم اهل الصحو واهل وراثة النبوة، فانها مرتبة رفيعة عالية جداً، اذ تفيد المرتبة العظمى للربوبية والخلاقية الإلهية، وتبين ان جميع الاسماء الحسنى هي أسماء حقيقية، وهي تحافظ على الاسس من دون اخلال بموازنة أحكام الربوبية، لأن اهلها يقولون:
ان الله سبحانه باحديته الذاتية وتنزهه عن المكان قد أحاط – من دون وساطة – بكل شيء علما وشخّصه بعلمه ورجحه وخصّصه بارادته واوجده وابقاه بقدرته. فانه سبحانه يوجد جميع الكون ويخلقه ويدبر أموره كايجاده لشيء واحد وارادته اياه، فكما انه يخلق الزهرة بسهولة فانه يخلق الربيع العظيم بالسهولة نفسها. فلا يمنع شيء شيئاً قط، فلا يجزؤ في توجهه سبحانه. فهو موجود بتصرفه وبقدرته وبعلمه في كل مكان في كل آن. فلا انقسام ولا توزع في تصرفه سبحانه.
ولقد وضحنا هذا الامر واثبتناه في الكلمة السادسة عشرة، وفي المقصد الثاني من الموقف الثاني من الكلمة الثانية والثلاثين.
سأورد هنا مثالا ينطوي على نقص كثير (ولامشاحة في الامثال) وذلك لفهم شيء من الفرق بين المشربين:
لنفرض ان هناك طاووساً خارقاً لا مثيل له، وهو في غاية الكبر، ومنتهى الزينة وانه يتمكن الطيران من الشرق الى الغرب في لمحة