اللمعات | اللمعة الحادية عشرة | 86
(85-104)

اجل! ان اتباع السنة المطهرة لهو حتما ذو قيمة عالية، ولا سيما اتباعها عند

استيلاء البدع وغلبتها، فان له قيمة أعلى وأسمى، وبالاخص عند فساد الامة، اذ تُشعر مراعاة ابسط الآداب النبوية بتقوى عظيمة وايمان قوي راسخ؛ ذلك لأن الاتباع المباشر للسنة المطهرة يذكر بالرسول الاعظم y ، فهذا التذكر الناشيء من ذلك الاتباع ينقلب الى استحضار الرقابة الإلهية، بل تتحول في الدقائق التي تراعى فيها السنة الشريفة أبسط المعاملات العرفية والتصرفات الفطرية – كآداب الاكل والشرب والنوم وغيرها – الى عمل شرعي وعبادة مثابة عليها؛ لأن الانسان يلاحظ بذلك العمل المعتاد اتباع الرسول y، فيتصور أنه يقوم بأدب من آداب الشريعة، ويتذكر انه y صاحب الشريعة، ومن ثم يتوجه قلبه الى الشارع الحقيقي وهو الله سبحانه وتعالى، فيغنم سكينة واطمئنانا ونوعا من العبادة.
وهكذا، في ضوء ما تقدم فان من يجعل اتباع السنة السنية عادته، فقد حول عاداته الى عبادات، ويمكنه ان يجعل عمره كله مثمرا، ومثابا عليه.
 النكتة الثانية:
لقد قال الامام الرباني احمد الفاروقي رحمه الله(1):
-------------------

(1) هو احمد بن عبدالاحد السرهندي الفاروقي (971-1034هـ) الملقب بحق (مجدد الالف الثاني) برع في علوم عصره، وجمع معها تربية الروح وتهذيب النفس والاخلاص لله وحضور القلب، رفض المناصب التي عرضت عليه، قاوم فتنة (الملك اكبر) التي كادت ان تمحق الإسلام. وفقه المولى العزيز الى صرف الدولة المغولية القوية من الالحاد والبرهمية الى احتضان الإسلام بما بث من نظام البيعة والاخوة والارشاد بين الناس، طهر معين التصوف من الاكدار، تنامت دعوته في القارة الهندية حتى ظهر من ثمارها الملك الصالح (اورنك زيب) فانتصر المسلمون في زمانه، وهان الكفار. انتشرت طريقته (النقشبندية) في ارجاء العالم الإسلامي بوساطة العلامة خالد الشهرزوري المشهور بمولانا خالد (1192-1243هـ). له مؤلفات عديدة اشهرها (مكتوبات) ترجمها الى العربية محمد مراد في مجلدين. – المترجم.

لايوجد صوت