اللمعات | اللمعة الحادية عشرة | 89
(85-104)

في الآية الكريمة: ﴿فإن تَولوا... ﴾. واحسست كأن روحي تساق الى المستقبل الممتد نحو الأبد الذي اتخذ صورة بحر عظيم لا ساحل له.. وكان لابد من القاء النفس في خضم ذلك البحر العظيم طوعاً او كرها.
وبينما انا في هذا الذهول الروحي، والحزن الشديد يعصر قلبي، اذا بمدد يأتيني من القرآن الكريم والايمان. فمدتني الآية الكريمة: ﴿فإن تَولوا فَقُلْ حَسْبي الله لا اله الاّ هو عَليهِ تَوكلْتُ وهوَ رَبُّ العَرشِ العَظيم﴾(التوبة:129) حتى غدت هذه الآية بمثابة سفينة أمان في منتهى السلام والاطمئنان. فدخلت الروح آمنة مطمئنة في حمى هذه الآية الكريمة.. وفهمت في حينها ان هناك معنى غير المعنى الصريح لهذه الآية الكريمة، وهو المعنى الاشاري. فلقد وجدت فيه سلوانا لروحي، حيث وهب لي الاطمئنان والسكينة.
نعم! ان المعنى الصريح للآية الكريمة يقول للرسول الكريم y.
(اذا تولى اهل الضلالة عن سماع القرآن، واعرضوا عن شريعتك وسنتك، فلا تحزن ولاتغتم، وقل حسبي الله، فهو وحده كاف لي، وانا اتوكل عليه؛ اذ هو الكفيل بأن يقيض من يتبعني بدلا منكم، فعرشه العظيم يحيط بكل شيء، فلا العاصون يمكنهم ان يهربوا منه، ولا المستعينون به يظلون بغير مدد وعون منه).
فكما ان المعنى الصريح لهذه الآية الكريمة يقول بهذا، فالمعنى الاشاري للآية الكريمة يقول:
ايها الانسان، ويامن يتولى قيادة الانسان وارشاده؛ لئن ودعتك الموجودات كلها وانعدمت ومضت في طريق الفناء.. وان فارقتك الاحياء وجرت الى طريق الموت.. وان تركك الناس وسكنوا المقابر.. وان اعرض اهل الغفلة والضلالة ولم يصغوا اليك وتردوا في الظلمات.. فلا تبال بهم، ولا تغتم، وقل: حسبي الله، فهو الكافي، فاذا هو موجود فكل شيء موجود.. وعلى هذا، فان اولئك الراحلين لم يذهبوا الى العدم، وانما ينطلقون الى مملكة اخرى لرب العرش

لايوجد صوت