اللمعات | اللمعة الثالثة عشرة | 148
(119-150)

نعم، إن نفساً تصغي الى الشيطان لا ترغب في أن تنظر الى تقصيرها وعيوبها، حتى اذا رأتها فانها تؤوّلها بتأويلات عديدة. فتنظر الى ذاتها واعمالها بعين الرضا، كما قال الشاعر: (وعينُ الرضا عن كل عيبٍ كليلةٌ)(1) فلا ترى عيباً، لذا لا تعترف بتقصيرها، ومن ثم فلا تستغفر الله ولا تستعيذ به فتكون اضحوكة للشيطان. وكيف يوثق بهذه النفس الامارة بالسوء ويعتمد عليها، وقد ذكرها القرآن الكريم بلسان نبيّ عظيم، يوسف عليه السلام: ﴿وَمَا أُبَرِّيءُ نَفسي إنَ النفسَ لأمارِةٌ بالسوءِ إلاّ ما رحم رَبي﴾(يوسف:53) فَمن يَتهم نفسه يرى عيوبها وتقصيرها، ومَن اعترفَ بتقصير نفسه يستغفر ربه، ومن يستغفر ربَهُ يستَعذْ به من الشيطان الرجيم وعندها ينجو من شروره.. وانه لتقصير اكبر ألاّ يرى الانسانُ تقصيره، وانه لنقصٌ اعظم كذلك الاّ يعترف بنقصه. ومن يرى عيبه وتقصيره فقد اِنتفى عنه العيب، حتى اذا ما اعترف يصبح مستحقاً للعفو.
النقطة الثالثة:
ان ما يُفسد الحياة الاجتماعية للانسان هي الدسيسة الشيطانية الآتية:
انه يحجب بسيئةٍ واحدة للمؤمن جميع حسناته. فالذين يلقون السمع الى هذا الكيد الشيطاني من غير المنصفين يعادون المؤمن. بينما الله سبحانه وتعالى عندما يزن اعمال المكلفين بميزانه الأكبر وبعدالته المطلقة يوم الحشر فانه يحكم من حيث رجحان الحسنات او السيئات. وقد يمحو بحسنة واحدة ويُذهب ذنوباً كثيرة حيث ان ارتكاب السيئات والآثام سهل ويسير ووسائها كثيرة.. فينبغي اذاً التعامل في هذه الدنيا والقياس بمثل ميزان العدل الإلهي، فان كانت حسناتُ شخصٍ اكثر من سيئاته كميةً او نوعيةً فانه يستحق المحبة والاحترام. وربما يُنظر الى كثير من سيئاته بعين العفو والمغفرة والتجاوز لحسنة واحدة ذات نوعية خاصة.
---------------

(1) البيت منسوب للامام الشافعي. وعجزه: ولكن عين السخط تبدي المساويا. – المترجم.

لايوجد صوت