اللمعات | المقام الثاني | 170
(160-172)

الأعلى في السموات والأرض وهو العزيزُ الحكيم﴾(الروم:27), أي ان المثَل والتمثيل واردٌ في النظر الى شؤونه الحكيمة سبحانه.
ولهذا الحديث الشريف مقاصد جليلة كثيرة، منها: ان الانسان مخلوق على صورة تُظهر تجلي اسم الله (الرحمن) اظهاراً تاماً.
نعم، لقد بينا في الأسرار السابقة انه مثلما يتجلى اسم (الرحمن) من شعاعات مظاهر ألف اسم واسم من الأسماء الحسنى على وجه الكون، ومثلما يُعْرَض اسم (الرحمن) بتجليات لاتحد للربوبية المطلقة على سيماء الأرض، كذلك يُظهِر سبحانه التجلي الأتم لذلك الأسم (الرحمن) في الصورة الجامعة للأنسان، يُظهِر بمقياس مصغر بمثلِ ما يُظهره في سيماء الأرض وسيماء الكون بمقياس اوسع واكبر.
وفي الحديث الشريف اشارة كذلك الى ان في الانسان والاحياء من المظاهر الدالة على (الرحمن الرحيم) ما هو بمثابة مرايا عاكسة لتجلياته سبحانه، فدلالة الانسان عليه سبحانه ظاهرة قاطعة جلية، تشبه في قطعيتها وجلائها دلالة المرآة الساطعة بصورة الشمس وانعكاسها على الشمس نفسها. فكما يمكن ان يقال لتلك المرآة: انها الشمس، اشارةً الى مدى سطوعها ووضوح دلالتها عليها، كذلك يصح أن يقال – وقد قيل في الحديث – ان في الانسان صورة (الرحمن)، اشارة الى وضوح دلالته على اسم (الرحمن) وكمال مناسبته معه ووثوق علاقته به. هذا وان المعتدلين من اهل وحدة الوجود قد قالوا: (لا موجود الاّ هو) بناء على هذا السر من وضوح الدلالة، وعنواناً على كمال المناسبة.
اللهمَ يارحمن يارَحِيم بحق (بِسم الله الرَّحمن الرَّحيم) إرحمنا كما يليق برحيميتك، وفهمنا أسرار (بِسم الله الرَّحمن الرَّحيم) كما يليق برحمانيتك آمين.
السر السادس:

لايوجد صوت