اللمعات | اللمعة السابعة عشرة | 195
(193-236)

فان كنت فطناً فلا تهتم ولا تغتم، واترك ما لا يقتدر ان يرافقك في سفر الابد والخلود، بل يضمحل ويفنى تحت مصادمات الدنيا وانقلاباتها، وتحت تطورات البرزخ، وتحت انفلاقات الآخرة.
ألا ترى ان فيك لطيفةً لا ترضى الاّ بالأبد والأبدي، ولاتتوجه الاّ الى ذلك الخالد، ولاتتنزل لما سواه؟ حتى اذا ما اُعطيت لها الدنيا كُلها، فلا تُطَمأن تلك الحاجة الفطرية.. تلك هي سلطان لطائفك ومشاعرك.. فأطع سلطان لطائفك المطيع لأمر فاطره الحكيم جلّ جلاله، وانجُ بنفسك..

المذكرة الثانية
لقد رأيت في رؤيا صادقةٍ ذات حقيقة، أنني أخاطب الناس:
ايها الانسان! ان من دساتير القرآن الكريم واحكامه الثابتة: أن لاتحسبنَّ ما سوى الله تعالى اعظَم منك فترفعَه الى مرتبة العبادة، ولاتحسَبنَّ انك اعظم من شيء من الاشياء بحيث تتكبر عليه. اذ يتساوى ما سواه تعالى في العبد عن (المعبودية) وفي نسبة المخلوقية.

المذكرة الثالثة
اعلم ايها السعيد الغافل! انك ترى الدنيا الزائلة سريعاً، كأنها دائمة لا تموت، فعندما تنظر ما حولك من الآفاق وتراها ثابتةً مستمرةً – الى حد ما – نوعاً وجملةً، ومن ثم ترجع بالمنظار نفسه فتنظر الى نفسك الفانية، تظنها ثابتةً ايضاً. وعندها لا تندهش الاّ من هَول القيامة، وكأنك تدوم الى أن تقوم الساعة!.
عُدْ الى رشدك، فانت ودنياك الخاصة بك معرضان في كلّ آن الى ضربات الزوال والفناء.. ان مَثَلَكَ في خطأ شعورك وغَلَط حسك هذا، يشبه مَن في يده مرآة تواجه قصراً او بلداً او حديقةً، وترتسم

لايوجد صوت