اللمعات | اللمعة التاسعة عشرة | 238
(237-253)

النكتة الاولى:
ان الخالق الرحيم سبحانه يطلب من البشرية شكراً وحمداً إزاء ما اغدق عليها من النعم والآلاء، الاّ ان الاسراف منافٍ للشكر واستخفاف خاسر وخيم تجاه النعمة، بينما الاقتصاد توقيرٌ مربح ازاء النعمة.
اجل! إن الاقتصاد كما هو شكر معنوي، فهو توقير للرحمة الإلهية الكامنة في النعم والاحسان.. وهو سبب حاسم للبركة والاستكثار.. وهو مدار صحة الجسد كالحمية.. وهو سبيل الى العزة بالابتعاد عن ذلّ الاستجداء المعنوي وهو وسيلة قويةَ لإحساس ما في النعم ولآلاء من لذة.. وهو سبب متين لتذوق اللذائذ المخبأة في ثنايا نعمٍ تبدو غير لذيذة.. ولكون الاسراف يخالف الحِكَم المذكورة آنفاً باتت عواقبه وخيمة.

النكتة الثانية:
لقد خلق الفاطر الحكيم جسم الانسان بما يشبه قصراً كامل التقويم وبما يماثل مدينة منتظمة الاجزاء، وجعل حاسة الذوق المغروزة في فمه كالبواب الحارس، والاعصاب والاوعية بمثابة اسلاك هاتف وتلغراف (تتم خلالها دورة المخابرة الحساسة بين القوة الذائقة والمعدة التي هي في مركز كيان الانسان) بحيث تقوم حاسة الذوق تلك إبلاغ ما حلّ في الفم من المواد، وتحجز عن البدن والمعدة الاشياء الضارة التي لا حاجة للجسم لها قائلة: (ممنوع الدخول) نابذةً اياها، بل لاتلبث أن تدفع وتبصق باستهجان في وجه كل ما هو غير نافع للبدن فضلاً عن ضرره ومرارته.
ولما كانت القوة الذائقة في الفم تؤدي دور الحارس. وان المعدة هي سيدة الجسد وحاكمته من حيث الادارة، فلو بلغت قيمة هديةٍ تُقدَّم الى حاكم القصر مائة درجة فان خمساً منها فقط يجوز أن يعطى هبةً

لايوجد صوت