الشيخ يأكل دجاجاً مشوياً. ولشدة رقتها ولطافتها قالت: ايها الشيخ ان ابني يكاد يموت جوعاً وها انت ذا تأكل الدجاج؟! فخاطب الشيخ الدجاج قائلاً: (قم باذن الله) فوثب ذلك الدجاج المطبوخ الى خارج الوعاء بعد ان اكتمل دجاجاً حياً بالتئام عظامه. لقد نقل هذا الخبر بالتواتر المعنوي ثقاتٍ كثيرون(1) اظهاراً لكرامة واحدة من صاحب الكرامات المشهورة في العالم، الشيخ الكيلاني قُدس سرّه. ومما قاله الشيخ لتلك العجوز: متى ما بلغ إبنك هذه الدرجة.. فليأكل الدجاج هو الآخر.
فمغزى هذا الامر الصادر من الشيخ الكيلاني هو: متى حَكمت روحُ ابنك جَسَدَهُ وهيمن قلبُه على نفسه، وسادَ عقله معدته، والتمس اللذةَ لاجل الشكر.. عندئذ يمكنه أن يتناول ما لذّ وطاب من الاطعمة.
النكتة الرابعة:
ان المقتصد لا يعاني فاقة العائلة وعوزها كما هو مفهوم الحديث الشريف: (لا يعول من اقتصد)(1). اجل هناك من الدلائل القاطعة التي لا يحصرها العدّ بأن الاقتصاد سبب جازم لإنزال البركة، واساس متين للعيش الافضل. أذكر منها ما رأيته في نفسي وبشهادة الذين عاونوني في خدمتي وصادقوني باخلاص فأقول:
---------------------
(1) وقال اليافعي رضي الله عنه: صح بالسند المتصل الى الشيخ القطب عبدالقادر الجيلاني رحمة الله تعالى: أن أم شاب عنده دخلت عليه وهو يأكل في دجاجة، فأنكرت أكله الدجاجة وإطعامه ابنها أرذل الطعام، فقال لها: اذا صار ابنك بحيث يقول لمثل هذه الدجاجة قومي بأذن الله فقامت ولها اجنحة وطارت بها حق له ان يأكل الدجاج. (الفتاوى الحديثية لابن حجر ص80) – المترجم.
(1) (ما عال من اقتصد) رواه احمد عن ابن مسعود (كشف الخفاء، 2/189) وانظر 1/158 ايضاً.