اللمعات | اللمعة التاسعة عشرة | 244
(237-253)

نورد هنا حادثة واقعية للدلالة على كون الاقتصاد سبب العزة والكمال:
اقام (حاتم الطائي) المشهور بكرمه وسخائه ضيافة عظيمة ذات يوم واغدق هدايا ثمينة على ضيوفه ثم خرج للتجول في الصحراء، فرأى شيخاً فقيراً يحمل على ظهره حملاً ثقيلاً من الحطب والكلأ والشوك والدم يسيل من بعض جسمه.. فخاطبه قائلاً:
- ايها الشيخ، ان حاتماً الطائي يقيم اليوم ضيافة كريمة ويوزع هدايا ثمينة، بادرْ اليه لعلك تنال منه اموالاً اضعاف أضعاف ما تناله من هذا الحمل!!.
قال له ذلك الشيخ المقتصد: سأحمل حملي هذا بعزة نفسي وعرق جبيني، ولا أرضى ان أقع تحت طائل منّة حاتم الطائي.
ولما سُئل حاتم الطائي يوماً:
- مَن من الناس وجدتهم اعزَّ منك واكرم؟
قال: ذلك الشيخ المقتصد الذي لقيته في المفازة ذات يوم، لقد رأيته حقاً اعزّ مني واكرم.

النكتة الخامسة:
ان من كمال كرم الله سبحانه وتعالى، أنه يُذيقُ لذّة نِعمه لأفقر الناس، كما يذيقها أغناهم، فالفقير يستشعر اللذة ويتذوقها كالسلطان.
نعم ان اللذة التي ينالها فقير من كسرة خيز اسود يابس بسبب الجوع والاقتصاد تفوق ما يناله السلطان او الثري من اكله الحلوى الفاخرة بالملل وعدم الشهية النابعين من الاسراف.

لايوجد صوت