عظيم، حيث اعطيتُ كل واحد من اولئك الاخوة ملعقة واحدة منه(3) وقت الافطار.
ولربما حَسِب الذين شاهدوا حالي تلك انها خسّة، واعتبروا اوضاع اولئك الاخوة في الليالي الثَلاث حالة عزيزة من الكرم! ولكن شاهَدنا تحت تلك الخسة الظاهرية عزةً عاليةً وبركة واسعة وثواباً عظيماً من زاوية الحقيقة. وتحت ذلك الكرم والاسراف – ان لم يكن قد تُرك – استجداءً وترقباً لما في ايدي الآخرين بطمع وامثالها من الحالات التي هي أدني بكثير من الخسة.
النكتة السادسة:
هناك بون شاسع وفوق هائل بين الاقتصاد والخسة، اذ كما أن التواضع الذي هو من الاخلاق المحمودة يخالف معنىً التذللَ الذي هو من الاخلاق المذمومة مع أنه يشابهه صورة. وكما ان الوقار الذي هو من الخصال الحميدة يخالف معنىً التكبر الذي هو من الاخلاق السيئة مع أنه يشابهه صورة.
فكذا الحال في الاقتصاد الذي هو من الاخلاق النبوية السامية بل هو من المحاور التي يدور عليها نظام الحكمة الإلهية المهيمن على الكون، لا علاقة له أبداً بالخسة التي هي مزيج من السفاهة والبخل والجشع والحرص. بل ليست هناك من رابطة بينهما قطعاً، الاّ ذلك التشابه الظاهري. واليكم هذا الحدث المؤيد لهذه الحقيقة:
دخل عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وهو اكبر ابناء الفاروق الاعظم خليفة رسول الله y وأحد العبادلة السبعة المشهورين ومن البارزين بين علماء الصحابة الأجلاء، دخل هذا الصحابي الجليل يوماً في مناقشة حادة لدى تعامله في السوق على شيء لا يساوي قرشاً واحداً، حفاظاً على الاقتصاد وصوناً للأمانة والاستقامة
---------------------
(3) أي ملعقة شاي كبيرة (ملعقة كوب).- المؤلف.