اللمعات | اللمعة التاسعة عشرة | 247
(237-253)

اللتين تدور عليهما التجارة. في هذه الاثناء رآه صحابي آخر، فظنّ فيه شيئاً من خسّة فاستعظمها منه، اذ كيف يصدر هذا الامر من ابن أمير المؤمنين وخليفة الارض. فتبعه الى بيته ليفهم شيئاً من احواله، فوجد أنه قضى بعض الوقت مع فقير عند الباب وتبادلا حديثاً في لطف ومودة، ثم خرج من الباب الثاني وتجاذب اطراف الحديث مع فقير آخر هناك. اثار هذا الامر لهفة ذلك الصحابي فأسرع الى الفقيرين للاستفسار منهما:
- هلاّ تفهماني ماذا فعل ابن عمر حينما وقف معكما؟.
- لقد اعطى كلاً منا قطعة ذهب.
فراعه الامر وقال شدهاً: يا سبحان الله.. ما أعجب هذا الامر، انه يخوض في السوق في نِقاش شديد لأجل قرش واحد، ثم ها هو ذا يغدق في بيته بمئات أضعافه على محتاجين اثنين عن رضىً دون ان يشعر به أحد، فسار نحو ابن عمر رضي الله عنهما ليسأله:
- ايها الإمام: ألا تحل لي معضلتي هذه؟ لقد فعلتَ في السوق كذا وكذا وفي البيت كذا وكذا؟! فردّ عليه قائلاً:
- ان ما حدث في السوق هو نتيجة الاقتصاد والحصافة، فعلتُه صوناً للامانة وحفظاً للصدق اللذين هما اساس المبايعة وروحها وهو ليس بخسّةٍ ولا ببخل، وان ما بدر مني في البيت نابع من رأفة القلب ورقته ومن سمو الروح واكتمالها.. فلا ذاك خسّة ولا هذا اسراف.
واشارةً الى هذا السرّ قال الامام الاعظم (ابو حنيفة النعمان) رضي الله عنه: (لا اسراف في الخير كما لا خير في الاسراف) أي كما لا اسراف في الخير والاحسان لمن يستحقه كذلك لا خير في الاسراف قط.

النكتة السابعة:
ان الاسراف ينتج الحرص، والحرص يوَلد ثلاث نتائج:

لايوجد صوت