اللمعات | اللمعة التاسعة عشرة | 250
(237-253)

الحديث الشريف: (القناعة

كنز لا يفنى)(1).
النتيجة الثالثة: ان الحرص يتلف الاخلاص ويفسد العمل الاخروي؛ لانه لو وُجد حرص في مؤمن تقي لرغب في توجه الناس واقبالهم اليه، ومن يرقب توجه الناس وينتظره لا يبلغ الاخلاص التام قطعاً ولا يمكنه الحصول عليه، فهذه النتيجة ذات اهمية عظمى جديرة بالدقة والملاحظة.
محصل الكلام: ان الاسراف ينتج عدم القناعة أي الطمع، اما الطمع فيخبت وهج الشوق والتطلع الى العمل ويقذف بالانسان الى التقاعس والكسل، ويفتح امامه ابواب الشكوى والحسرة في حياته حتى ليجعله يئن دوماً تحت مضض الشكوى والسأم(2). كما انه يفسد اخلاصه ويفتح دونه باباً للرياء والتصنع فيكسر عزته ويريه طريق الاستجداء والاستخذاء.
اما الاقتصاد فانه يثمر القناعة، والقناعة تنتج العزة، استناداً الى الحديث الشريف: (عزّ مَن قنع وذلّ مَن طمع). كما انه يشحذ الشوق بالسعي والعمل ويحث عليهما ويسوق سوقاً الى الكدّ وبذل الجهد فيهما؛ لانه اذا ما سعى المرء في يوم ما وتقاضى اجره مساءً فسيسعى في اليوم التالي له بسر القناعة التي توافرت لديه. اما المسرف فانه لا يسعى في يومه الثاني لعدم قناعته وحتى اذا سعى فانه يسعى دون شوق.

------------------

(1) حديث (القناعة مال لا ينفد وكنز لا يفنى) رواه الطبراني في الاوسط والعسكري عن جابر، والمشهور (القناعة كنز لايفنى) وفي القناعة احاديث كثيرة. انظر كشف الخفاء 1/102 وتمييز الطبيب ص118.
(2) نعم، اذا قابلت مسرفاً فستسمع منه حتماً الشكاوي العريضة، ومهما كان غنياً فلسانه يشكو لا محاله، بينما اذا قابلت فقيراً قانعاً فلا تسمع منه الاّ الحمد والشكر لله. – المؤلف.

لايوجد صوت