اللمعات | اللمعة التاسعة عشرة | 248
(237-253)

اولاها: عدم القناعة.
وعدم القناعة هذا يُثنى الشوقَ عن السعي وعن العمل، بما يبثّ في نفس الحريص من الشكوى بدلاً من الشكر، قاذفاً به الى احضان الكسل، فيترك المال الزهيد النابع من الكسب الحلال(1) ويبادر بالبحث عما لا مشقة ولا تكليف فيه من مال غير مشروع، فيهدر في هذه السبيل عزتَه بل كرامته.
النتيجة الثانية للحرص: الخيبة والخسران.
اذ يفوت مقصود الحريص ويتعرض للاستثقال ويحرم من التيسير والمعاونة حتى يكون مصداق القول المشهور: (الحريصُ خائب خاسر).
ان تأثير الحرص والقناعة يجري في عالم الاحياء على وفق دستور شامل وسنة مطردة فمثلاً:
ان وصول ارزاق النباتات المضطرة الى الرزق اليها هو لقناعتها الفطرية، وسعي الحيوانات بنفسها بالحرص وراء الحصول على رزقها في عناء ونقص، يبديان مدى

الضرر الجسيم الكامن في الحرص، ومدى النفع العظيم الكامن في القناعة.
وان سيلان الحليب – ذلك الغذاء اللطيف – الى أفواه الصغار الضعفاء عامة ومن حيث لا يحتسبون بما يبدونه من قناعة ينطق بها لسان حالهم، وانقضاض الوحوش بحرص وجشع على ارزاقها الناقصة الملوّثة، يثبت ما ندّعيه اثباتاً ساطعاً.
----------------

(1) اذ بسبب الابتعاد عن الاقتصاد، يكثر المستهلكون، ويقل المستحصلون، ويبدأ الجميع يشدون نظرهم الى باب الحكومة، وحينها تنتكس وتتناقص الصناعة والتجارة والزراعة التي هي محور الحياة الاجتماعية ومدارها، وينهار المجتمع ويتدنى بدوره ويغدر فقيراًمعدماً.– المؤلف.

لايوجد صوت