اللمعات | اللمعة العشرون | 255
(254-270)

النقطة الاولى:
سؤال مهم ومثير للدهشة:
لماذا يختلف اصحاب الدين والعلماء وارباب الطرق الصوفية وهم اهل حق ووفاق ووئام بالتنافس والتزاحم في حين يتفق اهل الدنيا والغفلة بل اهل الضلالة والنفاق من دون مزاحمة ولا حسد فيما بينهم. مع ان الاتفاق هو من شأن اهل الوفاق والوئام، والخلاف ملازم لاهل النفاق والشقاق. فكيف استبدل الحق والباطل مكانهما، فأصبح الحق بجانب هؤلاء والباطل بجانب اولئك؟
الجواب: سنبين سبعة من الاسباب العديدة لهذه الحالة المؤلمة التي تقض مضجع الغيارى الشهمين.
السبب الاول:
ان اختلاف اهل الحق غير نابع من فقدان الحقيقة، كما ان اتفاق اهل الغفلة ليس نابعاً من ركونهم الى الحقيقة، بل ان وظائف اهل الدنيا والسياسة والمثقفين وامثالهم من طبقات المجتمع قد تعينت وتميزت. فلكل طائفة وجماعة وجمعية مهمة خاصة تنشغل بها، وما ينالونه من اجرة مادية – لقاء خدماتهم ولإدامة معيشتهم – هي كذلك متميزة ومتعينة، كما ان ما يكسبونه من اجرة معنوية كحب الجاه وذيوع الصيت والشهرة، هي الاخرى متعينة ومخصصة ومتميزة(1).

--------------

(1) تحذير: ان اقبال الناس وتوجههم لا يطلب، بل يوهب، ولو حصل الاقبال فلا يُسرّ به. واذا ما ارتاح المرء لتوجه الناس اليه فقد ضيع الاخلاص ووقع في الرياء.
اما التطلع الى نيل الشهرة والصيت التي تتضمن توجه الناس والرغبة في اقبالهم فهو ليس بأجرة ولا ثواب، بل عتاب وعقاب نابعان من فقدان الاخلاص.
نعم، ان توجه الناس واقبالهم لا يراد، لان ما فيه من لذة جزئية تضر بالاخلاص الذي هو روح الاعمال الصالحة، ثم انه لا يستمر الا الى حد باب القبر. فضلا عن انه يكتسب ما وراء القبر صورة اليمة من عذاب القبر، فلا يُرغب في توجه الناس ونيل رضاهم اذن، بل يلزم الفرار والتهيب منه. فليصغ الى هذا عباد الشهرة والمتلهفون على كسب رضى الناس – المؤلف.

لايوجد صوت