﴿وَقوُمُوا للهِ قَانتِينَ ﴾ (البقرة:238)
﴿قَدْ اَفلَحَ مَنْ زَكاها وَقَد خَابَ مَنْ دَساها ﴾(الشمس:9-10)
﴿وَلا تَشْتَروُا بِآياتي ثَمَنَاً قَليلاً ﴾(البقرة:41)
يا اخوة الآخرة! ويا اصحابي في خدمة القرآن! اعلموا – وانتم تعلمون – ان الاخلاص في الاعمال ولا سيما الاخروية منها، هو اهم اساس، واعظم قوة، وارجى شفيع، واثبت مرتكز، واقصر طريق للحقيقة، وأبرّ دعاء معنوي، واكرم وسيلة للمقاصد، واسمى خصلة، واصفى عبودية.
فما دام في الاخلاص انوار مشعة، وقوى رصينة كثيرة امثال هذه الخواص.. ومادام الاحسان الإلهي قد القى على كاهلنا مهمة مقدسة ثقيلة، وخدمة عامة جليلة، تلك هي وظيفة الإيمان وخدمة القرآن.. ونحن في غاية القلة والضعف والفقر، ونواجه اعداء ألدّاء ومضايقات شديدة، وتحيط بنا البدع والضلالات التي تصول وتجول في هذا العصر العصيب.. فلا مناص لنا إلاّ بذل كل مافي وسعنا من جهد وطاقة كي نظفر بالاخلاص.. فنحن مضطرون اليه، بل مكلفون به تكليفاً، واحوج ما نكون الى ترسيخ سر الاخلاص في ذواتنا، اذ لو لم نفز به لضاع منا بعض ما كسبناه من الخدمة المقدسة – لحد الآن – ولما دامت ولا استمرت خدمتنا، ثم نحاسب عليها حساباً عسيراً، حيث نكون ممن يشملهم النهي الإلهي وتهديده الشديد في قوله تعالى: ﴿وَلا تَشْتَروُا بِآياتي ثَمَنَاً قَليلاً﴾(البقرة:41) بما اخللنا بالاخلاص فأفسدنا السعادة الابدية، لاجل مطامع دنيوية دنيئة، مقيتة، مضرة، مكدرة، لاطائل من ورائها ولافائدة، ارضاء لمنافع شخصية جزئية تافهة، امثال الاعجاب بالنفس والرياء، ونكون ايضاً من المتجاوزين حقوق اخواننا في هذه الخدمة ومن المتعدين على نهج الخدمة القرآنية، ومن الذين اساءوا الادب فلم يقدروا قدسية الحقائق الإيمانية وسموها حق قدرها.