فيا اخوتي! ان الامور المهمة للخير والدروب العظيمة للصلاح، تعترضها موانع وعقبات مضرة كثيرة. فالشياطين يكدون انفسهم ويجهدونها مع خدام تلك الدعوة المقدسة، لذا ينبغي الاستناد الى الاخلاص والاطمئنان اليه، لدفع تلك الموانع وصد تلك الشياطين. فاجتنبوا – يااخوتي – من الاسباب التي تقدح الاخلاص وتثلمه كما تجتنبون العقارب والحيات. فلا وثوق بالنفس الامارة ولا اعتماد عليها قط، كما جاء في القرآن الكريم على لسان سيدنا يوسف عليه السلام: ﴿وَمَآ اُبرِىّءُ نَفْسي اِنَّ النفْسَ لاَمارَةٌ بِالسوءِ اِلاّ مَارَحِمَ رَبي﴾ (يوسف:53) فلا تخدعنكم الانانية والغرور ولا النفس الامارة بالسوء ابداً. ولاجل الوصول الى الظفر بالاخلاص وللحفاظ عليه، ولدفع الموانع وازالتها اجعلوا الدساتير الآتية رائدكم:
دستوركم الاول:
ابتغاء مرضاة الله في عملكم. فاذا رضى هو سبحانه فلا قيمة لإعراض العالم اجمع ولا اهمية له. واذا ما قبل هو سبحانه فلا تأثير لردّ الناس اجمعين. واذا اراد هو سبحانه واقتضته حكمته بعد ما رضى وقبل العمل، وجعل الناس يقبلونه ويرضون به، وان لم تطلبوه انتم، لذا ينبغي جعل رضى الله وحده دون سواه القصد الاساس في هذه الخدمة.. خدمة الإيمان والقرآن.
دستوركم الثاني:
هو عدم انتقاد اخوانكم العاملين في هذه الخدمة القرآنية، وعدم اثارة نوازع الغبطة بالتفاخر والاستعلاء. لانه كما لا تحاسد في جسم الانسان بين اليدين، ولا انتقاد بين العينين، ولا يتعرض اللسان على الاذن، ولا يرى القلب عيب الروح، بل يكمل كلّ منه نقصَ الآخر ويستر تقصيره ويسعى لحاجته، ويعاونه في خدمته.. والا انطفأت حياة ذلك الجسد، ولغادرته الروح وتمزق الجسم.