اللمعات | اللمعة السادسة والعشرون | 391
(384-464)

رائعاً، فلابد ان يكون له كتب وصحف يبين فيها مايريده منا، ويوضح علاقاته معنا.
ولاشك ان اكمل كتاب من تلك الكتب المقدسة التي انزلها، انما هو القرآن الحكيم العجز، الذي ثبت اعجازه بأربعين وجهاً من وجوه الاعجاز، والذي يتلى في كل دقيقة بألسنة مائة مليون شخص في الاقل، والذي ينشر النور ويهدي السبيل. والذي في كل حرف من حروفه عشر حسنات، وعشر مثوبات في الاقل، واحياناً عشرة آلاف حسنة، بل ثلاثين ألف حسنة، كما في ليلة القدر. وهكذا يمنح من ثمار الجنة ونور البرزخ ما شاء الله ان يمنح. فهل في الكون اجمع كتاب يناظره في هذا المقام، وهل يمكن ان يدّعي ذلك احد قط؟
فما دام هذا القرآن الكريم الذي بين ايدينا هو كلام رب العالمين، وهو أمره المبلغ الينا، وهو منبع رحمته التي وسعت كل شيء، وهو صادر من خالق السموات والارض ذي الجلال، من جهة ربوبيته المطلقة، ومن جهة عظمة ألوهيته، ومن جانب رحمته المحيطة الواسعة، فاستمسك به واعتصم، ففيه دواء لكل داء، ونور لكل ظلام، ورجاء لكل يأس.. وما مفتاح هذه الخزينة الابدية الاّ الإيمان والتسليم، والاستماع اليه، والانقياد له، والاستمتاع بتلاوته.
الرجاء الخامس
في بداية شيخوختي ومستهلها، ورغبة مني في الانزواء والاعتزال عن الناس، بحثَت روحي عن راحة في الوحدة والعزلة على تل (يوشع) المطل على البسفور. فلما كنت – ذات يوم – اسرح بنظري الى الافق من على ذلك التل المرتفع رأيت بنذير الشيخوخة لوحة من لوحات الزوال والفراق تتقطر حزناً ورقة، حيث جُلتُ بنظري من قمة شجرة عمري، من الغصن الخامس والاربعين منها، الى ان انتهيت الى اعماق الطبقات السفلى لحياتي، فرأيت ان في كل غصن من تلك الاغصان الكائنة هناك ضمن كل سنة، جنائز لاتحصر من جنائز احبائي واصدقائي وكل مَن له علاقة معي. فتأثرت بالغ

لايوجد صوت