اللمعات | اللمعة السادسة والعشرون | 392
(384-464)

التأثر من فراق الاحباب وافتراقهم، وترنمت بأنين (فضولي البغدادي)(1) عند مفارقته الاحباب قائلاً:
كلمـا حـنَّ الوصـال عَذبٌ دمعي مادام الشهيق
لقد بحثتُ من خلال تلك الحسرات الغائرة عن باب رجاء، وعن نافذة نور، أسلى بها نفسي. فاذا بنور الإيمان بالاخرة يغيثني ويمدّني بنور باهر. انه منحني نوراً لاينطفىء ابداً، ورجاءً لا يخيب مطلقاً.
اجل يا اخواني الشيوخ ويا اخواتي العجائز! مادامت الآخرة موجودة، ومادامت هي باقية خالدة، ومادامت هي اجمل من الدنيا، ومادام الذي خلقنا حكيماً ورحيماً؛ فما علينا اذاً إلاّ عدم الشكوى من الشيخوخة، وعدم التضجر منها؛ ذلك لان الشيخوخة المشرّبة بالإيمان والعبادة، والموصلة الى سنّ الكمال، ماهي الاّ علامة انتهاء واجبات الحياة ووظائفها، واشارة ارتحال الى عالم الرحمة للخلود الى الراحة. فلابدّ اذن من الرضا بها اشدّ الرضا.
نعم ان اخبار مائة واربعة وعشرين ألفاً من المصطفين الاخيار وهم الانبياء والمرسلون(2) عليهم الصلاة والسلام – كما نص عليه الحديث – اخباراً بالاجماع والتواتر مستندين الى الشهود عند بعضهم والى حق اليقين عند آخرين، عن وجود الدار الآخرة، واعلانهم بالاجماع ان الناس سيساقون اليها، وان الخالق سبحانه وتعالى سيأتي بالدار الآخرة بلا ريب، مثلما وعد بذلك وعداً قاطعاً.

---------------

(1) فضولي البغدادي شاعر عاش في القرن السادس عشر الميلادي وهو مؤسس الادب العثماني الآذري، له اشعار ودواوين في اللغات التركية والعربية والفارسية توفي سنة 1555م، من اعماله المشهورة (ليلى ومجنون) اسمه الحقيقي: محمد. – المترجم.
(2) عن ابي أمامة، قال ابو ذر: (قلت: يارسول الله كم وفاء عدة الانبياء؟ قال: مائة ألف واربعة وعشرون ألفاً، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جماً غفيراً) رواه الامام احمد (مشكاة المصابيح 3/122 ت 5737 قال المحقق: حديث صحيح) وانظر زاد المعاد المحقق 1/43. – المترجم.

لايوجد صوت