اللمعات | اللمعة السادسة والعشرون | 442
(384-464)

وانظر مَنْ هم اولاء ينطقون (حسبنا) معك، سواء ينطقونها بلسان الحال، او بلسان المقال، أنصت اليهم.. نعم هكذا أمرتني الآية!. فنظرت.. فاذا بي أرى طيوراً محلقة لاتحدّ، وطويرات صغيرة صغيرة جداً كالذباب لاتحصى، وحيوانات لا تعد ونباتات لاتنتهي واشجاراً لاآخر لها ولانهاية...
كل ذلك يردد مثلي بلسان الحال معنى ﴿حسبنا الله ونعم الوكيل﴾، بل يُذكر الآخرين بها.. أن لهم وكيلاً – نِعمَ الوكيل – تكفل بجميع شرائط حياتهم، حتى انه يخلق من البيوض المتشابهة بعضها مع بعض وهي المتركبة من المواد نفسها، ويخلق من النطف التي هي مثل بعضها البعض، ويخلق من الحبوب التي هي البعض عينه، ويخلق من البذور المتماثلة بعضها مع البعض الآخر مائة الف طراز من الحيوانات ومائة الف شكل من الطيور ومائة الف نوع من النباتات، ومائة الف صنف من الاشجار، يخلقها بلاخطأ وبلانقص وبلا التباس، يخلقها مزينة جميلة وموزونة منظمة، مع تميز بعضها عن البعض الآخر واختلاف بعضها عن بعض، يخلقها باستمرار ولاسيما ايام كل ربيع امام اعيننا في منتهى الكثرة، وفي منتهى السهولة، وفي منتهى السعة، وفي منتهى الوفرة.. فخلقُ جميع هذه المخلوقات متشابهاً ومتداخلاً ومجتمعة على النمط نفسه والاشكال عينها، ضمن عظمة هذه القدرة المطلقة وحشمتها، يظهر لنا بوضوح: وحدانيته سبحانه وتعالى وأحديته.
وقد أفهمتني الآية أنه لا يمكن التدخل مطلقاً ولا المداخلة قطعاً في مثل هذا الفعل للربوبية المطلقة وفي تصرف هذه الخلاقية، اللتين تبرزان هذه المعجزات غير المحدودة وتنشرانها.
فالى الذين يريدون ان يفهموا هويتي الشخصية وماهيتي الانسانية كما هي لكل مؤمن.. والى الذين يرغبون أن يكونوا مثلي، عليهم أن ينظروا الى تفسير نفسي (أنا) في جمع (نا) في الآية الكريمة ويتدبّروا في موقعه في ذلك الجمع. وليفهموا ما وجودي وجسمي الذي يبدو

لايوجد صوت