اللمعات | اللمعة السادسة والعشرون | 441
(384-464)

وبسهولة مطلقة للغاية، وبوفرة هائلة، وذلك في معمل (ك.ن) الموجود في أمر (كنْ)، حتى أن القرآن الكريم يقول: ﴿فإنما يَقولُ لهُ كنْ فيكُونْ!﴾.
فما دمت قد ظفرت بنقطة استناد مثل هذه بهوية الانتساب الإيماني، فيمكنك الاستناد والاطمئنان اذاً الى قوة عظيمة وقدرة مطلقة. وحقاً لقد كنت أحسّ بقوة معنوية عظيمة كلما كنت أتلقى ذلك الدرس من تلك الآية الكريمة، فكنت أشعر انني أملك قوة يمكنني أن اتحدّى بها جميع اعدائي في العالم وليس الماثلين امامي وحدهم، لذا رددتُ من اعماق روحي: ﴿حسبنا الله ونعم الوكيل﴾.

المرتبة النورية الحسبية الثالثة:
حينما اشتد خناق الامراض وألوان الغربة وأنواع الظلم عليّ، وجدت ان علاقاتي تنفصم مع الدنيا، وان الإيمان يرشدني بانك مرشح لدنيا اخرى ابدية، وانك مؤهل لمملكة باقية وسعادة دائمة. ففي هذه الاثناء تركت كل شيء تقطر منه الحسرة ويجعلني أتأوّه وأتأفف، وأبدلته بكل ما يبشر بالخير والفرح ويجعلني في حمدٍ دائم. ولكن أنى لهذه الغاية أن تتحقق وهي غاية المنى ومبتغى الخيال وهدف الروح ونتيجة الفطرة، الاّ بقدرة القدير المطلق الذي يعرف جميع حركات مخلوقاته وسكناتهم قولاً وفعلاً، بل يعرف جميع احوالهم واعمالهم ويسجلها كذلك. وانى لها أن تحصل الاّ بعنايته الفائقة غير المحدودة لهذا الانسان الصغير الهزيل المتقلب في العجز المطلق حتى كرمه، واتخذه خليلاً مخاطباً، واهباً له المقام السامي بين مخلوقاته.
نعم، حينما كنت أفكر في هاتين النقطتين، أي: في فعالية هذه القدرة غير المحدودة، وفي الاهمية الحقيقية التي أولاها البارىء سبحانه لهذا الانسان الذي يبدو حقيراً. اردت ايضاحاً في هاتين النقطتين ينكشف به الإيمان ويُطمئن به القلب فراجعت بدوري تلك الآية الكريمة ايضاً، فقالت لي: دقق النظر في (نا) التي في (حسبنا)،

لايوجد صوت