فحتى لو ذهب وجودي فان بقاء تلك الأنواع من الوجود من بعده يُطمئن وجودي وكأنه قد بقي بنفسه كاملاً.
والخلاصة: ان الموت ليس فراقاً بل هو وصال وتبديل مكان وإثمار لثمرة باقية..
المرتبة النورية الحسبية الخامسة:
لقد تصدّعت حياتي حيناً تحت اعباء ثقيلة جداً، حتى لفتت نظري الى العمر، والى الحياة فرأيت أن عمري يجري حثيثاً الى الآخرة.. وان حياتي المتقربة الى الآخرة قد توجهت نحو الانطفاء تحت المضايقات العديدة، ولكن الوظائف المهمة للحياة ومزاياها الراقية وفوائدها الثمينة لاتليق بهذا الانطفاء السريع، بل تليق بحياة طويلة، مديدة، ففكرت في هذا بكل ألم وأسى، وراجعت استاذي الآية الكريمة ﴿حسبنا الله ونعم الوكيل﴾ فقالت لي: انظر الى الحياة من حيث (الحي القيوم) الذي وهب لك الحياة. فنظرت اليها بهذا المنظار وشاهدت أنه ان كان للحياة وجه واحد متوجه اليّ انا فان لها مائة وجه متوجه الى (الحي المحيي) وان كانت لها نتيجة واحدة تعود اليّ انا، فان لها الفاً من النتائج تعود الى خالقي؛ لذا فان لحظة واحدة من الحياة، او آناً من الوقت ضمن هذه الجهة كافٍ جداً، فلا حاجة الى زمان طويل.
هذه الحقيقة تتوضح باربع مسائل: فليفتش اولئك الذين ينشدون الحياة او الذين هم ليسوا أمواتاً… ليفتشوا عن ماهية الحياة وعن حقيقتها وعن حقوقها الحقيقية ضمن تلك المسائل الاربع. فليظفروا.. وليحيوا..
وخلاصتها هي: ان الحياة كلما تتوجه الى الحيّ القيوم وتتطلع اليه، وكلما كان الإيمان حياةً للحياة وروحاً لها تكسب البقاء بل تعطي ثماراً باقية كذلك، بل أنها ترقى وتعلو الى درجة تكتسب تجلى السرمدية، وعندها لاينظر الى قصر العمر وطوله.