لطلاب (مدرسة الزهراء)(3) وهم يحملون اقلاماً ماسية كآلة الرونيو. فباتت (رسائل النور) تظهر بخمسمائة نسخة بقلم واحد، فتلك الفتوحات التي هيأتها العناية الإلهية لرسائل النور جعلتني أحب تلك الحياة الضجرة القلقة المضطربة، بل جعلتني اردد الف شكر وشكر للبارىء سبحانه وتعالى.
ولكن بعد مرور فترة وجيزة لم يتمكن اعداء رسائل النور المتسترين ان يتحملوا تلك الفتوحات النورية، فنبهوا المسؤولين في الدولة ضدنا وأثاروهم علينا، فاصبحت الحياة – مرة اخرى – ثقيلة مضجرة، الاّ ان العناية الإلهية تجلت على حين غرة، حيث ان المسؤولين أنفسهم – وهم أحوج الناس الى رسائل النور – بدأوا فعلاً بقراءة الرسائل المصادرة بشوق واهتمام، وذلك بحكم وظيفتهم. واستطاعت تلك الرسائل بفضل الله أن تلين قلوبَهم وتجنحها الى جانبها. فتوسعت بذلك دائرة مدارس النور، حيث أنهم بدأوا بقدرها والاعجاب بها بدلاً من جرحها ونقدها. فأكسبتنا هذه النتيجة منافع جمة، اذ هي خير مائة مرة مما نحن فيه من الاضرار المادية، وأذهبت ما نعانيه من اضطراب وقلق. ولكن ما ان مرّت فترة وجيزة، حتى حوّل المنافقون – وهم الاعداء المتسترون – نظر الحكومة الى شخصي أنا، ونبهوا أذهانها الى حياتي السياسية السابقة، فأثاروا الأوهام والشكوك، وبثوا المخاوف من حولي في صفوف دوائر العدل والمعارف (التربية) والامن ووزارة الداخلية، ومما وسّع تلك المخاوف لديهم ما يجري من المشاحنات بين الاحزاب السياسية، وما أثاره الفوضويون والارهابيون – وهم واجهة الشيوعيين – حتى
-------------
(3) سعى الاستاذ النورسي طوال حياته لاقامة هذه المدرسة التي تدمج فيها الدراسة الدينية والعلمية معاً، حتى وضع حجرها الاساس سنة 1911 قرب بحيرة (وان). الاّ ان ظروف الحرب العالمية الاولى حالت دون اتمام المشروع، ولكن العناية الربانية عوضت عن تلك المدرسة بمدرسة معنوية امتدت اغصانها الوارقة طول البلاد وعرضها، تلك هي المدارس المعنوية النورية، ومن هنا كان الاستاذ النورسي يعد طلاب النور طلاب مدرسة الزهراء. – المترجم.