اللمعات | اللمعة السادسة والعشرون | 448
(384-464)

أن الحكومة قامت إثر ذلك بحملة توقيف وتضييق شديد علينا، وبمصادرة ما تمكنت من الحصول عليه من الرسائل فتوقف نشاط طلاب النور وفعالياتهم.
وبالرغم من أن بعض الموظفين المسؤولين أشاعوا دعايات مغرضة عجيبة لجرح شخصيتي وذمها – مما لايمكن أن يصدّقه أحد – الاّ انهم باؤوا بالاخفاق الذريع، فلم يستطيعوا ان يقنعوا احداً بها. ومع ذلك احالوني الى الموقف لمدة يومين بحجج رخيصة تافهة جداً، ووضعوني في قاعة واسعة جداً وحيداً في تلك الايام الشديدة البرد كالزمهرير، علماً انني ما كنت اتحمل البرد في بيتي الاّ على مضض وكنت اقاومه بشدة بإشعال الموقد دائماً وبأشعال المدفأة عدة مرات يومياً، وذلك لما أعانيه من ضعف ومرض.
فبينما كنت اتقلب من شدة الحمى المتولدة من البرد، واتململ من حالتي النفسية المتضايقة جداً، انكشفت في قلبي حقيقة عناية إلهية، ونُبهت الى ما يأتي:
(أنك قد اطلقت على السجن اسم (المدرسة اليوسفية)، وقد وهب لك (سجن دنيزلي) من النتائج والفوائد اضعاف اضعاف ما اذاقكم من الضيق والشدة، ومنحكم فرحاً شديداً وسروراً عظيماً وغنائم معنوية كثيرة: واستفادة المساجين معكم من رسائل النور، وقراءة رسائل النور في الاوساط الرسمية العليا وغيرها من الفوائد، حتى جعلتكم في شكر دائم مستمر بدل التشكي والضجر محوّلة كل ساعة من ساعات السجن والضيق الى عشر ساعات من العبادة، فخلدت تلك الساعات الفانية، فهذه (المدرسة اليوسفية الثالثة)(1) كذلك ستعطي – باذن الله – من الحرارة الكافية ما يدفىء هذا البرد الشديد، وستمنح من الفرح والبهجة ما يرفع هذا الضيق الثقيل، باستفادة اهل المصائب والبلاء

--------------

(1) المقصود سجن آفيون سنة 1948. – المترجم.

لايوجد صوت