ثم انني في الوقت الذي كنتُ في أمسّ الحاجة الى الاخلاد الى الراحة وعدم الاهتمام بهموم الدنيا والابتعاد نهائياً عن البرد، فان قيام هؤلاء بنفيي – في هذه الفترة من البرد بالذات – وتهجيري من مدينة لاخرى بما يفوق تحملي، ومن ثم توقيفي والتضيق عليّ باكثر من طاقتي وبما يشعر أنه حقدٌ دفين وأمر متعمد مقصود.. كل ذلك ولد عندي غيظاً وامتعاضاً غير اعتيادي تجاه هؤلاء. ولكن العناية الإلهية أغاثتني فنبهت القلب الى هذا المعنى:
ان للقدر الإلهي – الذي هو عدل محض – حصةً عظيمةً جداً فيما يسلطه عليك هؤلاء البشر من الظلم البين، وان رزقك في السجن هو الذي دعاك الى السجن، فينبغي اذاً ان تقابل هذه الحصة بالرضى والتسليم.
وان للحكمة الربانية ورحمتها حظاً وافراً ايضاً كفتح طريق النور والهداية الى قلوب المساجين وبث السلوان والأمل فيهم، ومن ثم احراز الثواب لكم؛ لذا ينبغي تقديم آلاف الحمد والشكر لله – من خلال الصبر – تجاه هذا الحظ العظيم.
وكذا فان لنفسك انت ايضاً حصتها حيث ان لها مالاتعرف من التقصيرات.. فينبغي مقابلة هذه الحصة ايضاً بالاستغفار والتوبة والانابة الى الله وتأنيب النفس بأنها مستحقة لهذه الصفعة.
وكذا فان بعض الموظفين السذج والجبناء المنخدعين الذين يساقون الى ذلك الظلم بدسائس الاعداء المتسترين منهم حصة ايضاً ونصيب، فرسائل النور قد ثأرت لك ثأراً كاملاً من هؤلاء المنافقين بما أنزلت بهم من صفعاتها المعنوية المدهشة. فحسبهم تلك الضربات.
أما الحصة الاخيرة فهي لاولئك الموظفين الذين هم وسائط فعلية. ولكن لكونهم منتفعين حتماً من جهة الإيمان – سواء أرادوا أم لم يريدوا – عند نظرهم الى رسائل النور وقراءتهم لها بنية النقد او