اللمعات | اللمعة الثامنة والعشرون | 466
(465-515)

وعلى كل حال، ولمناسبة المحاورة اللطيفة التي جرت بيننا انفتح باب البحث عن الذباب والنحل وما شابههما من الحشرات الكثيرة، فدار الكلام حولها.
فقلت له:
ان مثل هذه الانواع من الحيوانات التي تتكاثر نسخها بكثرة هائلة، لها وظائف مهمة. فالكتاب تطبع بطبعات كثيرة نظراً لقيمته، بمعنى ان جنس الذباب(1) له وظيفة مهمة وقيمة كبيرة حيث يُكثر الفاطر الحكيم من نسخ تلك الرسائل القَدَرية وكلمات القدرة الإلهية.
نعم! ان هذه الطائفة من الذباب التي تنظف وجهها وعينيها وجناحيها كل حين، وكأنها تتوضأ، تشكل موضوعاً مهما للآية الكريمة:﴿يا ايها الناسُ ضُربَ مثلٌ فاستمعوا له إنّ الذين تَدعونَ من دون الله لن يَخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وإنْ يَسْلبهم الذبابُ شيئاً لا يستنقذوه منه ضَعُفَ الطالبُ والمطلوبُ﴾(الحج:73).
بمعنى ان الاسباب وما يدّعيه اهل الضلالة من ألوهية من دون الله لو اجتمعت على خلق ذبابة واحدة لعجزت. اى ان خلق الذباب معجزة ربانية وآية تكوينية عظيمة، بحيث لو اجتمعت الاسباب كلها لما خلقت مثل تلك الآية الربانية ولا استطاعت ان تعارضها ولا تقليدها قطعاً. فتلك المعجزة قهرت نمرود، ودافعت عن حكمة خلقها دفاعاً فاق ألف اعتراض، لما شكى موسى عليه السلام من ازعاجاتها قائلاً: يارب لِمَ اكثرتَ من نسل هذه المخلوقات المزعجة.. اُجيب إلهاماً: لقد اعترضتَ مرةَ على الذبان، وهي كثيراً ما تسأل: يارب ان هذا الانسان الكبير ذا الرأس الضخم لا يذكرك الاّ بلسان واحد بل يغفل احياناً عن ذكرك، فلو خلقتَ من رأسه فحسب مخلوقات من امثالنا لكانت الوف المخلوقات ذاكرة لك.
وفضلاً عن هذا فان الذباب يرعى النظافة أيما رعاية، اذ ينظف وجهه وعينيه باستمرار ويمسح على اجنحته دوماً ويؤدي كل ذلك

---------------

(1) الذباب: يطلق على كل حشرة طائرة (ج) أذبة وذبان. – المترجم.

لايوجد صوت